اقترح بحث أميركي جديد نشرته «الهيئة الأميركية المهتمة بمرضى السكري من الأطفال والمراهقين» أخيراً، إعطاء لقاح لمنع الإصابة بمرض السكري من النوع الأول الذي يصيب الأطفال غالباً. والمعلوم أن هذا النوع يتصف بنقص قدرة غدّة البنكرياس على إفراز هرمون الانسولين أو فقدانها لتلك القدرة كلياً. ولأن الانسولين يعمل على إدخال السكر الى الخلايا، كي يستفاد منه من خلال إحراقه، فإن نقص ذلك الهرمون (أو غيابه) يؤدي الى ارتفاع معدل السكر في الدم، إضافة الى عدم الاستفادة من سكر الطعام كمصدر أساسي للطاقة. وتقليدياً، يعمد الأطباء إلى إعطاء مرضى السكري من النوع الأول الانسولين الاصطناعي كي يعوض عن الطبيعي. ولذا، يعرف هذا النوع أيضاً ب «المُعتمِد على الانسولين». ومن الواضح أن البحث الأميركي يعتبر بمثابة شعاع ضوء في نهاية نفق مظلم. وتركز فكرته على رأي علمي سائد يقول ان نسبة كبيرة من حالات السكري من النوع الأول، تنجم بسبب خلّل في جهاز المناعة الذاتي يؤدي الى توجيه خلايا المناعة لضرب أنسجة غدّة البنكرياس، وضمنها الأنسجة المسؤولة عن صنع الانسولين، ويعاملها باعتبارها جسماً غريباً يجب التخلّص منه. وعند إعطاء اللقاح، تتغيّر هذه الصورة. ويتعرّف جهاز المناعة الى أنسجة البنكرياس باعتبارها جسماً داخلياً فلا يضربها. وتقول الدكتورة منى السماحي أستاذة طب الأطفال ورئيس وحدة سكري الأطفال في كلية الطب في جامعة عين شمس: «إذا نجح هذا البحث فسيحدث ثورة طبية وانتصاراً على أحد أخطر الأمراض التي تصيب الأطفال. وسبق للعلم أن نجح في تخليص مرضى السكري من النوع الأول من استعمال إنسولين مستخلص من غدد الحيوانات، مع ما رافقه من آثار جانبية ضارّة. فمنذ تقدّم علوم الجينات، استطاع العلماء الحصول على انسولين شبيه بذلك الذي يفرزه جسم الإنسان، ما خفض من الآثار الجانبية الى حد هائل». وتحدثت عن التطوّر الذي مثّله إدخال الإنسولين المديد المفعول، إضافة الى إبتكار مضخة الأنسولين التي تعطي الطفل حرية الحركة. وتحدّثت أيضاً عن اتجاهات إلى تركيب المضخة داخل جسم الطفل، مع إطالة فترة عملها، لتصبح بمثابة بنكرياس اصطناعي. وأشارت السماحي أيضاً إلى ضرورة توعية الأم بأنها غير مسؤولة عن إصابة طفلها بمرض السكري من النوع الأول. وشدّدت على أن الأم تستطيع ان تساهم في حلّ مشكلة الطفل المصاب من خلال إطالة فترة الرضاعة الطبيعية قدر الإمكان مع الاهتمام بإعطاء اللقاحات المقررة، وكذلك زيادة فيتامين (د) في غذاء الطفل. وأوضحت أن حماية الطفل من مضاعفات السكري المُعتمِد على الانسولين تشمل الاهتمام بإجراء فحص شامل للكلى وقاع العين والأطراف لاكتشاف أي مضاعفات وعلاجها مبكراً. وشدّدت على أن ضبط مستوى السكر في الدم يساهم في درء تلك المضاعفات.