أكد الاختصاصي النفسي المتخصص في العلم الإكلينيكي طلال الثقفي ل«الحياة»، أن الإرهابيين والمجرمين بشكل عام لا يضعون في حساباتهم عند اتخاذهم قرار الانتحار، الأضرار المتولدة عن فعلتهم، بقدر وضع «صك دخول الجنة» بين أعينهم. وأشار الثقفي إلى أن مثل هؤلاء الإرهابيين مبرمجين نفسياً بشكل كامل تحت تأثير مجموعة من المبادئ والقوانين تجاه فئة من المجتمع، لتقبل ما سيقدمون عليه من دون ارتباك أو توتر أو شعور ربما يدفعه إلى التفكير بالتراجع عن ما يقدم عليه، وهذا ما يسمى في علم النفس ب«غسيل الدماغ». واستبعد أن يكون هؤلاء أقدموا على أعمالهم الإجرامية تحت تخدير المخدرات أياً يكن نوعها. وقال: «يعتبر الإرهابيون الإقبال على تفجير أنفسهم مردوداً إيجابياً لأهدافهم وتوجهاتهم، وعندما ح ضر الإرهابي إلى مجلس مساعد وزير الداخلية للشؤون الأمنية الأمير محمد بن نايف جاء بتصورات أمام الشخص الذي أمامه بأنه كافر وعدو ويستحق القتل». وأضاف أن الإرهابي كان في وضع نفسي قلق، لكن الأمير من دون قصد هدأ من روعه وارتباكه لاحتوائه نفسياً واجتماعياً، عندما قال له: «في الأخير أنتم أبناؤنا»، بيد أن الإرهابي استفاد من هذا الوضع بالاندفاع وعدم التردد والارتباك. وأوضح الثقفي أن الإرهابيين يفكرون دائماً بدخول الجنة بعيداً عن أي حسابات أخرى لأي كان، فهم يفكرون في ما بعد العملية، لذلك تجد مظاهر القلق والتوتر لديهم «منخفضة جداً» قبل تنفيذ العملية، على رغم وجود مادة في جسم الإنسان تسمى هرمون «الادرينارين» وهذا الهرمون يفرز في الدم بشكل مباشر يزيد من مظاهر القلق لدى الإنسان، مثل التعرق والخفقان الشديد في القلب والارتعاش وأحياناً أخرى توسّع حدقة العين. وأشار إلى أن مثل هؤلاء المجرمين بشكل عام يملكون شخصية تسمى في علم النفس ب«الشخصية السيكيوباتية» وهي الشخصية المنحرفة والمجرمة والمريضة نفسياً، التي تحمل خصائص خاصة تتعلق باستعداد نفسي ووراثي لتوجيه العدائية تجاه الآخرين، وهذا ما يسهل عملية الخلل في المخ والتفكير ويحولها إلى أمراض نفسية تسمى «أمراض الشولوفينيا» وهي مرتبطة ارتباطاً تاماً بأمراض انفصام الشخصية. وحذر الثقفي من أسلوب عرض أشلاء الإرهابي الانتحاري بهذه الطريقة (على التلفزيون) خوفاً من التسبب بنوع من الأزمات النفسية لدى الجيل الناشئ، والتأثير النفسي في أفراد المجتمع، واعتبره خطأ كبيراً، مذكراً أيضا بأن هناك أشخاصاً غير مؤهلين أو مستعدين لمشاهدة مثل تلك المناظر وتقبلها، ولا توجد لديهم قواعد نفسية ثابتة وقد تختزل في الذاكرة لدى هؤلاء، وتحديداً لدى صغار السن. وحول تأثير مثل تلك المناظر في الإرهابيين أنفسهم، توقع أن تكون مثل تلك الصور البشعة مفرحة لهم، كونهم يعتقدون أن من نفّذ تلك العملية قد دخل الجنة الآن، وقد تقودهم أيضاً إلى «نوع من الانتقام» أيضاً ومحاولة التصيد في الماء العكر لدى الأشخاص المغرر بهم، كون الإعلام السعودي يعرض أشلاءهم ويحاول التقليل من شأنهم بحسب أهدافهم واعتقاداتهم.