هاجم متظاهرون مساء امس مقر وزارة الخارجية في برازيليا حيث تمكنت قوات الامن في آخر لحظة من منعهم من اقتحام المبنى، كما افادت صحافية في وكالة فرانس برس. وتمكنت مجموعة من المتظاهرين من تحطيم زجاج البوابة الرئيسة للوزارة، الا ان الشرطة تمكنت في النهاية من صدهم، في اول تحرك احتجاجي تشهده البلاد على الصعيد الوطني منذ اندلعت الحركة الاحتجاجية قبل نحو عشرة ايام. وكان عشرات آلاف الاشخاص تظاهروا امس في البرازيل في شوارع 80 مدينة لا سيما في سلفادور دي باهيا (شمال شرق) حيث اندلعت بسرعة صدامات مع الشرطة. وألغت رئيسة البرازيل ديلما روسوف امس زيارة كانت مقررة لليابان بين 26 و28 حزيران/ يونيو، بسبب الحوادث في البلاد. ورغم انصياع معظم المدن الكبرى في البلاد امام ضغط الشارع وتراجعها عن قرارها رفع اسعار تعرفات النقل العام، فان المحتجين البرازيليين يواصلون الضغط. وحدد هؤلاء هدفهم بانزال مليون شخص الى الشوارع في اليوم الاول من التحرك الوطني. واستعد تجار وسط المدن للاسوأ. واغلق بعضهم محاله باكرا وحمى آخرون واجهات محالهم بألواح من الخشب خشية ان تتحول التظاهرات التي هي سلمية في مجملها الى اعمال عنف ونهب بسبب وجود عناصر متشددة. وفي ريو دي جانيرو حيث اجريت مباراة اسبانيا وتاهيتي في ملعب ماراكانا، تدفق آلاف المتظاهرين على ساحة كانديلاريا نقطة انطلاق التظاهرة من وسط المدينة. وبثت الشرطة العسكرية على شبكات التواصل الاجتماعي منشورات تطلب فيها من المتظاهرين "مساعدتها على حمايتهم" اشتملت على عبارات مثل "بلا عنف، سلام، ابعدوا اولئك الذين يصرون على نشر الفوضى في تظاهرة سلمية". وفي سلفادور تظاهر نحو 50 الف شخص غالبيتهم من الطلبة في ساحة كامبو غراند الرئيسة في المدينة على وقع آلات الايقاع والصافرات والهتافات، بحسب مراسلي وكالة فرانس برس. وحين حاول متظاهرون اختراق حاجز للشرطة، اطلقت قوات الامن الغاز المسيل للدموع ورصاص مطاط لاجبارهم على التقهقر. وكتب على اللافتات المرفوعة "تعال ناضل من اجل المزيد من التغييرات" و"كرة القدم فوق القوانين لماذا يا ديلما؟" (روسيف رئيسة البرازيل) او "كيف يعقل ان قيمة لاعب كرة قدم اعلى من قيمة استاذ؟". ويطالب هاميلتون جينيور (48 عاما) وهو استاذ جيولوجيا في الجامعة "بفتح تحقيق في الاموال المستثمرة في ملاعب" كرة القدم. واضاف لوكالة فرانس برس "الفيفا منعت بيع الاكاراجي (اكلة تقليدية محلية) في محيط الملاعب من اجل مصلحة المستثمرين، هذا عار". وفي ريو دي جانيرو وحدها تمت دعوة مليون شخص على فايسبوك للتظاهر وأكد ربع مليون انهم سيشاركون حتى وان كان يتوقع ان يكون عددهم دون هذا الرقم. وفي ساو باولو اكد 300 الف مشاركتهم و50 الفا في برازيليا، قال جميعهم انهم سيشاركون استجابة لنداء "افيقي يا برازيل". وبعد عشرة ايام من التظاهرات التي كثيرا ما تتحول الى اعمال عنف، لم تضعف حركة الاحتجاج في البرازيل. وعلى مواقع التواصل الاجتماعي تستمر الدعوات للتظاهر. وكتبت احدى رواد الانترنت "زيادة (اسعار النقل) ألغيت لكن من يقول اننا سنتوقف؟". ولا شيء يوحي بضعف حركة الاحتجاج هذه التي لا ترفع يافطة سياسية او نقابية ولا يوجد لها زعماء ظاهرون. وهي تبلور مختلف مخاوف الناس في البلد الناشىء ذي ال194 مليون نسمة ازاء خدمات عامة متدنية مثل الصحة والتعليم وفساد الطبقة السياسية ومبالغ هائلة انفقت بالبلايين لتنظيم كاس العالم لكرة القدم في 2014. والجديد امس هو ان بعض الاحزاب والنقابات ومنظمات المجتمع المدني اعلنت نيتها المشاركة في التظاهرات تحت لافتاتها. وقالت منظمات منها فلاحون بلا ارض والاتحاد الوطني للطلاب والمركزية الوحيدة للعمال وحزب العمال (يسار حاكم) والحزب الشيوعي البرازيلي، انها تريد الانضمام الى المتظاهرين الذين رفضوا منذ بداية تحركهم اي طابع حزبي. وقال المحلل السياسي ألمار فرانكو في صحيفة او غلوبو "ان اثر هذا التدخل سيعرف في جادة بوليستا في ساو باولو حين يسير المناضلون الى جانب الجموع، غير المسيسة، بقيادة حركة تذكرة مجانية". وقالت اماندا سوزا (27 عاما) الطالبة في كلية الحقوق والتي تتظاهر مع القوى المنظمة ان "الديمقراطية في البرازيل سمحت للناس بالتنظم، بحسب قناعاتهم، لكن هناك دائما موقف سياسي وراء ما يحدث". وهي تطالب بالحق في التظاهر ورفع رايات الاحزاب التي "تمثل المنظمات والقوى السياسية التي كافحت تاريخيا من اجل حقوق العمال". ويقارن بعض المراقبين هذه الحركات بالتظاهرات التي شهدتها تركيا مؤخرا وبثورات "الربيع العربي".