ارتفعت الأصوات المحذرة في إسرائيل من أبعاد تقليص النفقات الذي أقره وزير المال يائير لبيد والذي يمس الشرائح الفقيرة والخدمات الاجتماعية، وذلك بعد طرح الحكومة مشروع قانون الموازنة أول من أمس على الكنيست للمصادقة عليه. ويشكل قانون التسويات في المرافق الاقتصادية أبرز المواضيع التي سيناقشها الكنيست، إذ كشفت ورقة ل «مؤسسة التأمين الوطني» أن هذه الإجراءات ستُدخل 35 ألف طفل إسرائيلي دائرة الفقر، ما اعتبرته جمعيات ناشطة في مجال حقوق الإنسان خطاً احمر يتطلب تصعيداً واسعاً للاحتجاجات ضد الحكومة وسياستها. وجاءت الورقة بعدما أثار تقرير «منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية» (أو إي سي دي)، الذي أكد أن نسبة الفقر في إسرائيل هي الأعلى بين الدول ال34 الأعضاء في المنظمة وأظهر أن إسرائيل ما زالت واحدة من أكثر الدول التي تعاني فجوة وانعدام مساواة في الدخل الذي لم يتغير بين عامي 2007 و2010. واحتلت إسرائيل المرتبة الرابعة بين دول المنظمة لجهة الفقر بين الأولاد والشبان بعدما اتسع خلال هذه الفترة. وأظهرت الورقة صورة أوضح عن الأوضاع الاقتصادية ونسبة الفقر المتزايدة، بعدما أظهر التقرير أن التقليصات في مخصصات الأطفال في مقابل زيادة ضريبة الدخل وضريبة القيمة المضافة، ستمس بالطبقات الضعيفة وستؤدي إلى زيادة الفقر وجباية رسوم التأمين الوطني وضريبة الصحة التي ستفرض على ربات البيوت، وإلى جانب ارتفاع عدد الأطفال الفقراء فإن 45 ألف عائلة فقيرة ستعاني منها. وعلى رغم محاولة الحكومة التغاضي عن تقرير «أو إي س دي»، إلا أن مناقشته تترافق مع مناقشة إجراءات تقليص النفقات في الكنيست، إذ أن المعطيات الواردة فيه لم تفاجئ الإسرائيليين. وأكد التقرير ما عرضته تقارير إسرائيلية عن أن الفقر متزايد ونسبته بين الأطفال والشباب ارتفعت اثنين في المئة، كما أن ثلث الأولاد يعيشون تحت خط الفقر. وأشار الى أن نسبة الفقر في إسرائيل تتجاوز النسبة في تركيا والمكسيك وتشيلي واسبانيا، ما يدعم حملة الاحتجاجات، في حين أن الدول الاسكندينافية مثل النروج وفنلندا والسويد والدنمارك، ما زالت تحافظ على مستوى متدنٍ للفجوات في الدخل، كما ايسلاندا وسلوفانيا وتشيخيا وسلوفاكيا وبلجيكا. وأوضح التقرير أن نسبة الفقر بين الإسرائيليين الذين تزيد أعمارهم على 65 عاماً انخفضت اثنين في المئة، بينما يعيش أكثر من ثلث الأولاد تحت خط الفقر، علماً أن هذه النسبة ترتفع إلى أكثر من 55 في المئة مع احتساب أطفال فلسطينيي 48. وكان التقرير السابق للمنظمة أشار إلى أن المكسيك هي الدولة الأكثر فقراً في المنظمة، إلا أن إسرائيل تجاوزتها في التقرير الحالي بعدما بلغت نسبة الفقر فيها 20.9 في المئة مقارنة ب13.8 في المئة عام 1995، ومقارنة ب20.4 في المكسيك، و15.4 في المئة في اسبانيا و14.3 في المئة في اليونان. وأعلن الباحث في المعهد الإسرائيلي للديموقراطية مومي دهان أن «أحد التفسيرات المركزية لاتساع الفقر في إسرائيل يكمن في تقليص المساعدة للشرائح الضعيفة في أعقاب السياسة الاقتصادية التي انتهجتها الحكومة منذ العام 2003، والتي وضعها وزير المال حينها بنيامين نتانياهو». ولفت إلى أن «نسبة الفقر المرتفعة تكبح النمو الاقتصادي الطويل الأمد، إذ أن الفقراء لا يستطيعون الاستثمار في مستوى تعليمي لائق لأولادهم ما يعني تركهم لمواجهة مصيرهم». وأوضح أن «الموازنة الحالية تواصل كسباقاتها تقليص المساعدات للشرائح الضعيفة ومخصصات الأولاد وترفع ضريبة القيمة المضافة، ما يعني المس مباشرة بنحو 10 بلايين شيكل (2.7 بليون دولار) لأضعف الشرائح في المجتمع».