شكلت التحركات الاحتجاجية في تركيا مادة دسمة لوسائل الاعلام والمسؤولين في سورية ل «التشفي» برئيس الوزراء التركي رجب طيب اردوغان، مقابل مقارنة نشطاء ومعارضين بين اسلوبي الحكومة التركية والنظام السوري بالتعاطي مع احتجاجات سلمية. وتوجه محلل سوري على شاشة قناة «الإخبارية» السورية الى اردوغان، قائلاً: «عليك ان تستقيل اذا كنت فعلاً تحترم الديموقراطية. هذا الحراك في تركيا هو الربيع الحقيقي»، مؤكداً «وقوف سورية مع الشعب التركي». وكان وزير الاعلام السوري عمران الزعبي اتهم قبل يومين رئيس الوزراء التركي بقيادة بلاده «بأسلوب ارهابي». وقال ان «قمع أردوغان التظاهرات السلمية أمر غير واقعي ويكشف انفصاله عن الواقع»، مضيفاً «ان الشعب التركي الشقيق لا يستحق هذه الهمجية ولا مبرر ان يتحدى اردوغان شعبه». وتابع: «على اردوغان التنحي اذا كان عاجزاً عن اتباع وسائل غير عنفية». وفي اليوم التالي، دعا الزعبي الى «الافراج عن معتقلي الرأي في تركيا»، مضيفاً: «على اردوغان احترام ارادة شعبه وأن يغادر الى الدوحة التي قد تستضيفه». اما وزارة الخارجية السورية فقد نصحت المواطنين السوريين بعدم السفر الى تركيا خلال هذه الفترة «حفاظاً على سلامتهم وأمنهم بسبب تردي الاوضاع الامنية في بعض المدن التركية خلال الايام الماضية والعنف الذي مارسته حكومة اردوغان بحق المتظاهرين السلميين من أبناء الشعب التركي». واستخدمت الحكومة السورية عبارات سبق للمسؤولين الاتراك ان توجهوا بها الى النظام السوري في معرض انتقادهم لقمع التظاهرات السلمية قبل ان تتحول الى ثورة مسلحة تطالب ب»رحيل» الاسد، علماً بأن العلاقات بين دمشق وانقرة انتقلت من دفء لافت الى عداء شديد بين الحكومتين. وتشهد ساحة تقسيم في اسطنبول ومدن تركية اخرى مواجهات منذ الجمعة بين متظاهرين والشرطة بدأت باحتجاج على مشروع بناء سوق تجاري يتطلب اقتلاع بعض الاشجار في ساحة «تقسيم» في المدينة. وقالت قناة «الإخبارية» ان المطالب في تركيا تطورت من «اقتلاع اشجار» الى «اقتلاع اردوغان». وأضافت ان ما يجري في تركيا «ضد الطغمة الحاكمة» هو «رفض تغيير الوجه العلماني لتركيا وتحويلها الى سلطنة عثمانية محكومة بعصور الظلام». وفي نشرات الاخبار، قدم التلفزيون الرسمي الاحداث التركية تحت عنوان «اردوغان الجاني على نفسه» او «الشعب يثور على الطاغية»، واصفاً ما يحصل بأنه «ثورة حقيقية لم تتورط فيها قطر او اسرائيل». ولم تعترف دمشق بتاتاً بأن التحرك الذي بدأ في درعا بخربشة صبية على الجدران تطالب برحيل النظام، هو تحرك شعبي، وقمعته منذ الأيام الأولى بالرصاص والقوة، ما اوقع آلاف القتلى قبل ان يلجأ المعارضون بدورهم الى السلاح. وقام تلفزيون «الإخبارية» والتلفزيون الرسمي منذ السبت بتغطية متواصلة وغالباً مباشرة من ساحة «تقسيم» في اسطنبول للتحركات الاحتجاجية، مستضيفين محللين ومثقفين من تركيا وسورية وغيرهما من الدول هاجموا سياسة اردوغان، مؤكدين ان «العلة الاساسية» لانقلاب الشعب عليه «موقفه من سورية» وأن «مشروع ساحة «تقسيم» هو الشعرة التي قصمت ظهر البعير». وفي اليوم الاول من التظاهرات، وبعد اطلاق الشرطة التركية قنابل مسيلة للدموع احدثت دخاناً اسود كثيفاً في ساحة «تقسيم»، قطع التلفزيون السوري برامجه لينقل الصورة مع عبارة «اسطنبول الآن» في اسفل الشاشة. وكتبت صحيفة «الوطن» المقربة من السلطات تحت عنوان «الربيع التركي ينطلق من تقسيم» ان «السحر انقلب هذه المرة على الساحر. فبعد عشرات التصريحات التي لم تخرج عن حد التنظير لانتقاد سورية، أطلق أردوغان العنان لقواته باستخدام الهمجية والقوة المفرطة ضد آلاف المتظاهرين السلميين في عشرات المدن التركية لتوقع مئات الجرحى والمعتقلين بين صفوفهم». في المقابل، انتقد معارضون دعوة الزعبي الى «تنحي» رئيس الوزراء التركي. ولفتوا الى استخدام الشرطة التركية خراطيم المياه، وحديث مسؤولين اتراك عن دعم الحركات الاحتجاجية. وفيما قارن احد النشطاء بين اسلوب تعاطي الحكومة السورية مع التظاهرات السلمية ورد فعل الحكومة التركية، استغرب احد النشطاء اعلان الحكومة السورية تحذيراً للمواطنين بعدم السفر الى تركيا التي تضم نحو 400 ألف لاجئ سوري باعتبار انها «غير آمنة».