تساءلت إحدى المصابات في حريق الجهراء والتي تم نقلها مع مجموعة من المصابات إلى السعودية لتلقي العلاج، عن كيف يسيطر الحقد على الانسان ليحوّل خيمة الفرح إلى مأتم راح ضحيته 44 سيدة وطفلاً. كانتا سيدتين في قسم معالجة الحروق المركّزة في مجمع الملك سعود الطبي في الرياض، إحداهما يلف معظم جسدها الشاش الأبيض لإصابتها البالغة، وكانت زفرات صوتها المنهك المتقطع «وش اللي وداني للعرس، ياربي ارحمني» تقطع حديث والدتها التي قالت: «ابنتي المسكينة أم لأربعة أطفال، إلا أنها والحمد لله ذهبت للحفلة وحدها، وكان الدور على ابنتي كي تعتلي منصة مغنيات الحفلة، وما إن بدأت الطقاقات الغناء حتى دهمتهم النيران». أما الفتاة الثانية (ع ، ك)، فكانت إصابتها في الظهر واليد اليمنى والرجلين كاملتين، وتحدثت عن الليلة المشؤومة بكل أسى: «كنت أشك في أن شيئاً ما سيحدث، ربما أوحت لي تصرفات شقيقة العريس بذلك، فقد كانت تتصل بطليقة شقيقها وتسمعها الغناء والصخب الحادث في الحفلة لإثارة غيرتها واستفزاز مشاعرها بكل وقاحة»، مضيفة: «كيف أفسر نجاة شقيقات العريس إلا ان كن يعلمن بأن الطليقة ستقوم بعمل جنوني وإجرامي». وعن كيفية حدوث الحريق وخروجها من تلك المحرقة، قالت: «هي مجرد لحظات كالحلم، وبكل معنى «الفجأة» جاءتنا النيران من فوقنا وعن أيماننا وعن شمائلنا، لتجعل عالينا سافلنا، ويتحكم اللا شعور بالجميع في محاولة للنجاة ولكن هيهات، فأخذت النساء تحترق، واخذ لحمهن يمتزج من الذوبان، وكانت نهاية وعيي أن سقطت وتراكمت أجساد النساء فوقي. ويبدو أن ذلك ما أنقذني من الاحتراق كلياً». وأضافت، انها صحت في مستشفى الجهراء، وتلقت العلاج هناك لأيام عدة قبل أن يأتي الأمر بنقلها إلى الرياض لإكمال العلاج، «أقسم بأنني لن أحضر أية مناسبة من هذا القبيل مستقبلاً»، أما مرافقتها أم أحمد فكانت من المدعوات للحفلة، ولكن القدر أراد لها النجاة. وفي ذلك تقول: «بينما كنت مصرة على حضور العرس حتى إنني استعددت لذلك، وإذا بابنة عمتي تتصل بي وتدعوني للعشاء بإلحاح شديد لم أتمكن معه إلا بإجابة دعوتها والعدول عن الذهاب للعرس».