فرق كبير بين مصطلحي «كول بلو» و«كول بلاك» الإسعافيين اللتين اعتاد على سماعهما العاملون في مجمع الأمل للصحة النفسية، فالأول يعبر عن وجود حالة مرضية طارئة في حاجة إلى إنعاش قلبي بشكل فوري من الفريق الطبي المكون من استشاري واختصاصي نفسي وممرض. أما المصطلح الثاني فهو يعلن وفاة الحالة. ما بين هذين النداءين انتهت حياة امرأة «خمسينية» قبل بضعة أشهر تعاني مما يسمى علمياً «اضطراباً وجدانياً»، بسبب تأخر استجابة الفريق الطبي للنداء الأول ما لا يقل عن ربع ساعة، ما أودى بحياتها بحسب مصادر مطلعة تعمل داخل المستشفى ووثائق رسمية (حصلت «الحياة» على نسخة منها). لا يقتصر الأمر على ذلك فقط، فقبوع تلك المريضة داخل حجرة الانتظار التابعة لقسم الطوارئ مدة لا تقل عن 15 ساعة متواصلة في ذروة الشتاء وامتناع إدارة المستشفى عن استقبالها لعدم إحضار محرمها الأوراق الثبوتية الخاصة به على رغم توافر ملف خاص بها ومراجعاتها وترددها الدائم على المستشفى خلال أكثر من عشرة أعوام سابقة، إلا أن ذلك لم يشفع لها بالدخول، أسهم تزمت إدارة المستشفى وإهمال إسعافها من الكادر الطبي وعدم اكتراث ابنها بالتواصل مع المستشفى في إزهاق روحها. في السياق ذاته، كشفت مصادر تعمل في المستشفى ل«الحياة» أن المجمع لا يملك جهاز «صدمات كهربائية» منذ ثلاثة أسابيع، لأن الجهاز «الوحيد» من هذا النوع في المستشفى يقبع في الصيانة طوال هذه الفترة. وعلى رغم قدمه وعدم كفاءته إلا أن عدم توافر بديل له - بحسب المصادر - أسهم في تردي بعض الحالات النفسية، في الوقت الذي يسهم استخدامه في شفاء المرضى الذين يعانون من ميول انتحارية ويعانون من تصلب وإغلاق في الفك والأطراف وغير ذلك من الحالات الصعبة. ولا يقف الأمر عند جهاز الصدمات الكهربائية، فجهاز الإنعاش الوحيد داخل المستشفى تجاوز عمره عقوداً عدة، ولا يقارن مع أجهزة الإنعاش الحديثة، ما جعل وجوده مثل عدمه، في حين أن أهميته تكمن في إنعاش الحالات الطارئة أياً كانت بعد تعرضها لصدمات كهربائية أو انتكاسها بعد حقنها بإبر وتناولها أدوية بعينها. وأشارت مصادر أخرى إلى افتقار المستشفى بين وقت وآخر إلى «الإبر المهدئة» وأخرى خاصة بالتشنجات، إضافة إلى جهل الكادر الطبي بدورات في الإنعاش، وجهله بآلية استخدام الجهاز الطبي المخصص لذلك، واقتصار الإلمام به على طبيب الباطنية فقط من دون الآخرين، ما أسهم في تضاعف نسبة الوفيات ومضاعفة الأعراض الجانبية للمرضى.