فاق أداء الصادرات الصينية التوقعات في أيلول (سبتمبر) الماضي، بما يخفف الضغط على صناع السياسات الساعين إلى تجنب حدوث تباطؤ حاد في ثاني أكبر اقتصاد في العالم. لكن يبدو أن الطلب المحلي يظل ضعيفاً، على رغم ازدياد الواردات في شكل غير متوقع. وأعلن خبراء اقتصاديون أن من السابق لأوانه الجزم ب «بدء تعافي قطاع التجارة الصيني»، إذ رجحوا أن أسباب الأداء القوي غير المتوقع للواردات الشهر الماضي تتعلق بعوامل استثنائية، مثل استفادة المصانع من تراجع أسعار السلع الأولية العالمية لتجديد مخزون الحديد الخام والنحاس والنفط. وارتفعت قيمة الصادرات بنسبة 15.3 في المئة الشهر الماضي عن مستواها قبل سنة، لتصل إلى 213.7 بليون دولار، ما يتخطى الارتفاع بنسبة 9.4 في المئة المسجل في آب الماضي. وازدادت الواردات بنسبة 7 في المئة مقارنة بالشهر ذاته من العام الماضي، بالغة 182.7 بليون دولار. وتحسنّت واردات الحديد الخام لتصل إلى أعلى مستوياتها خلال السنة، كما زادت واردات النفط الخام إلى أعلى مستوياتها. وأعلن الناطق باسم الجمارك الصينية تشينغ يوشنغ، أن الاقتصادات الكبرى في العالم «تحسّنت وتعزّز الطلب الدولي»، مشيراً إلى «تسارع المبادلات مع الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة». وعزا المحلل في مكتب «كابيتال ايكونوميكس» جوليان ايفانز بريتشارد، «التقدم الكبير في الصادرات جزئياً إلى قاعدة مقارنة مؤاتية، إذ كانت تراجعت في أيلول عام 2013». كما رأى الخبراء الاقتصاديون في «بنك نومورا» أن «الزيادة الأخيرة استفادت من إطلاق جهاز «أي فون 6 « لشركة «أبل»، وقسم كبير من عناصره يُجمع في الصين. لكن حذروا من أن الصادرات تبقى «رهناً بالغموض الكبير المحيط بالنمو الأوروبي الذي يسجل ضعفاً، وبازدياد الأخطار الجيوسياسية». وأقرّ تشنغ يوشنغ بالتحديات المرتبطة ب «تراجع تنافسية الصادرات الصينية»، في حين «تتسارع حركة نقل الصناعات التحويلية إلى بلدان أخرى من جنوب شرقي آسيا». أما بالنسبة إلى الانتعاش اللافت في الواردات، فهو يشهد على نهوض النشاط الاقتصادي الصيني بعد أشهر من التباطؤ. لكن الخبير في مصرف «إيه أن زد» ليو لي - غانغ، اعتبر أن «هذا الانتعاش يبدو متناقضاً إلى حد ما مع ضعف الطلب الداخلي»، الذي يظهر من خلال مؤشرات مخيبة». وقال إن ذلك «يوحي برغبة بعض تجار المواد الأولية في الاستفادة من هبوط الأسعار في الأسواق العالمية الشهر الماضي»، مشيراً إلى «تسارع واردات خام الحديد». وفسّر بريتشارد الانتعاش ب «زيادة صادرات (المواد) المعدة لتحويلها ثم إعادة تصديرها، ما يعكس بالتالي الأوضاع الدولية أكثر من اعتباره انتعاشاً في الطلب الداخلي». ولفت إلى أن التراجع المتواصل للقطاع العقاري على خلفية عرض مفرط، «سيظل يؤثر على الطلب الصيني على المواد الأولية وينعكس سلباً على الواردات». وفي قطاع تجارة السيارات، ارتفعت المبيعات في الصين بنسبة 2.5 في المئة وفق الوتيرة السنوية في أيلول الماضي، مسجلة على رغم ذلك تباطؤاً كبيراً مقارنة بالأشهر السابقة، على خلفية ضائقة اقتصادية، وتحقيقات واسعة تستهدف الممارسات التجارية في القطاع. وبيعت 1.98 مليون سيارة الشهر الماضي، استناداً إلى الجمعية الصينية لمصنعي السيارات، التي أقرت بأن «حجم المبيعات المسجل في أيلول الماضي «متدن نسبياً». وارتفعت مبيعات السيارات الخاصة والتجارية بنسبة 7 في المئة مقارنة بالفترة ذاتها من عام 2013، لتسجل 17 مليون سيارة. وتوقعت مجموعة «جنرال موتورز» مبيعات قياسية في الصين هذه السنة، إذ أعلنت زيادة حققتها الشهر الماضي نسبتها 15.2 في المئة على مدى سنة، مع 319936 سيارة. وأشارت تحقيقات أخيرة أطلقتها سلطات المنافسة في الصين إلى «تراجع الصورة»، إذ وفق وسيلة إعلام حكومية، «ستتناول التحقيقات أكثر من ألف شركة محلية وأجنبية في صناعة السيارات. وعن أثر الاحتباس الحراري على الاقتصاد، في ظل مسؤولية الصين عن انبعاثات غازات الدفيئة في العالم، فهي تواجه فصول صيف قاسية في السنوات المقبلة تضاهي صيف عام 2013، الذي سجلت فيه درجات حرارة قياسية وجفافاً لم يسبق له مثيل». وشهدت الصين صيفاً حاراً العام الماضي، ظلت فيه الحرارة أعلى من 35 درجة على مدى 31 يوماً، أي أكثر من المعدل العام بدرجة وعُشر درجة. وضربت موجة الحر هذه تسع مقاطعات مأهولة بنصف بليون شخص، ووصلت الخسائر الاقتصادية الناجمة عن الجفاف إلى 9.6 بليون دولار.