مع ارسال الرئيس الأميركي باراك أوباما موازنته للعام 2014 الى الكونغرس، يحمل الشق الخارجي منها دلالات كبيرة لجهة أولويات الادارة الأميركية وزيادتها المساعدات لدول «الربيع العربي» مقابل استقرار تلك المساعدات التي تمنحها للأردن ولبنان ومصر والسلطة الفلسطينية. أما اللافت فهو خفض المساعدات للعراق وأفغاسنتان نتيجة تخفيف العبء العسكري والسياسي هناك مع الانسحاب والتحضير له في كابول. وتعكس الأرقام الجديدة التي وضعتها الخارجية الأميركية على موقعها الالكتروني في وثيقة تتخطى الخمسين صفحة، اهتماماً أميركياً باستكمال الدعم لدول «الربيع العربي» وطلبها من الكونغرس الموافقة على منح 580 مليون دولار «لصندوق الشرق الأوسط وشمال افريقيا الذي سيبني على الفرص التي خلقها الربيع العربي، ودعم تلك الدول التي تتحرك باتجاه الاصلاحات الاقتصادية والسياسية الضرورية للتعاطي مع مطالب شعبها واستقرار المنطقة». وينحصر هذا الصندوق بتمويل برامج داخل الخارجية مثل برنامج «الشراكة» وآخر للمراحل الانتقالية، اضافة الى تمويل برامج في معهد السلام الأميركي تركز على دول «الربيع العربي». أما في الشق الاقتصادي والعسكري، فتحمل الموازنة وهي الأولى للوزير جون كيري منذ توليه المنصب، مؤشرات سياسية محورية ترسخ الانسحاب الأميركي من العراق، وايلاءها أهمية أكبر لدعم دولة حليفة تاريخياً للولايات المتحدة كان زارها كيري في جولته الأخيرة للمنطقة. الحصة الأكبر من المساعدات الاقتصادية لدول الشرق الأدنى ستذهب الى الضفة الغربية وغزة (370 مليون دولار) وتحديداً لدعم السلطة الفلسطينية و «الدفع بحل الدولتين»، وللأردن (360 مليون دولار) ومصر (250 مليون). وهي نسب مماثلة لتلك الممنوحة في 2013. وكذلك لبنان الذي سيتلقى ما قيمته 70 مليون دولار من المساعدات الاقتصادية في 2014، مقابل رفع المساعدات لليمن الى 45 مليون دولار من 38 مليوناً العام الفائت. ولعل أكبر خفض في المساعدات الاقتصادية سيطاول العراق حيث تنوي الادارة الأميركية خفضها لمستوى 22 مليوناً ونصف مليون دولار من 262 مليوناً العام الفائت. وتوضح الخارجية أن هذا الاقتطاع يأتي «تماشياً مع خفض البصمات الأميركية الحكومية في العراق وتطلع الادارة الى مساعدات ثنائية أصغر بكثير في العراق تركز على السكان المهددين والديموقراطية والحكم». كما ستخفض المساعدات الاقتصادية لأفغانستان من 811 مليوناً في 2013 الى 535 مليوناً اليوم، وفي باكستان من 928 مليوناً الى 513 مليون دولار. وفي الشق الأمني، سيتلقى لبنان ما قيمته 13.9 مليون دولار للقوى الأمنية و75 مليون دولار للجيش وهي نسب مماثلة للعام الفائت. كما ستحافظ هذه المساعدات على نسبتها للأردن (300 مليون) ومصر (بليون و300 مليون) واسرائيل (3 بلايين)، فيما ستخفص المساعدات للعراق من 850 مليون الى 500 مليون. وتحتاج هذه الأرقام الى موافقة الكونغرس الذي سيبدأ درسها في جلسات استماع علنية الأسبوع المقبل. وتعتبر موازنة الخارجية الأميركية للعام المقبل أقل بستة في المئة من العام الماضي ويصل مجموعها الى 47.8 بليون دولار.