انتهت الدقائق ال90، ومن بعدها دقيقة من الوقت بدل الضائع، يحتاجون إلى تسجيل هدفين، ولم يبقَ سوى ثلاث دقائق، أزف الوقت، ويبدو أن حلمهم تلاشى، ويظهر أن ملغا صعد إلى نصف نهائي دوري أبطال أوروبا. مهلاً! هنا دورتموند، هنا تسقط كل المعايير، ولا تنقطع حبال الأمل، وتبقى الثقة في القدرات متسيدة لكل المواقف، دقيقة واحدة كانت كفيلة بأن يحول لاعبو «بوروسيا» ملعب «سيغنال ايدونابارك» إلى مسرح، تحول كل من يحتشدون فيه إلى «مجانين»، والسبب أن الهدفين التي يحتاجون إليها سُجِّلت في لحظات، وطاروا ببطاقة التأهل، وتركوا الإسبان غارقين في صدمتهم وذهولهم من هول خسارة تلبستهم في لمح البصر! كيف حدث ذلك؟ ولماذا؟ أسئلة ربما لا تبحث عن رأي فني أو ما شابه، فهي ليست إلا قصة من الجميل روايتها، ومن الممتع الغوص في تفاصيلها، وليس من المهم معرفة أسباب قادت إلى مباراة حجزت مقعدها في أهم صفحات التاريخ بجانب أشهر مباريات «المستديرة»، وكما حدث مع الجار بايرن ميونخ في عام 1998، وتحديداً عندما خسر في نهائي دوري أبطال أوروبا على يد مانشستريونايتد بذات السيناريو، وكان متقدماً بهدف واحد حتى الدقيقة ال89، ليسجل «الشياطين» هدفين منحتهم اللقب، والأمر أيضاً حدث في إنكلترا، إذ فاز مانشستر سيتي بلقب «البريميير ليغ» بالطريقة ذاتها، فهو الذي كان خاسراً بهدفين لهدف حتى زمن المباراة الأخير، وفي وقت تحضر فيه فريق «يونايتد» للاحتفال باللقب، صنع «الستيزن» المستحيل، وسجلوا هدفين في دقيقة واحدة في أعقاب الدقائق ال90. لن يُلام أعضاء «دورتموند»، وهم يفقدون عقولهم بعد «فوز دراماتيكي»، فهم لم يصدقوا ما حدث لدرجة أنهم لم يتعانقوا عند صافرة النهاية، كما يجري في المعتاد، فما فعلوه أن قاموا بالركض في كل الاتجاهات للتعبير عن ما في داخلهم، ذلك الفرح العارم ربما ينتهي قريباً، فالمتأهلون كبار، والمرشحون للتأهل كبار أيضاً، ولكن لن ينسى ألمان «دورتموند» هذا الانتصار إلى الأبد، وحتى على مستوى الحسابات الأخرى، فيكفي أنهم بلغوا نصف النهائي قبل أن يلعب غريمهم بايرن ميونخ مباراته مع يوفنتوس.