في ظهوره الأول في الدراما المصرية («حدائق الشيطان») لعب الممثل السوري جمال سليمان دوراً صعباً من وجهتين، أولاهما مواصفات الشّخصيّة ذاتها، وثانيتهما انتماء الشّخصيّة الى صعيد مصر، أي الى تلك المواصفات المتميزة لجهتي اللّهجة والطباع. هنا وفي صورة بالغة حقّق سليمان حضوراً طاغياً جعل كثراً من النّقاد يتحدثون بإسهاب عنه كطاقة تمثيلية يحسن صاحبها توظيفها في المكان والزمان المناسبين، فيما أجمعوا كذلك على إتقانه لهجة صعيد مصر كأبنائه. وهي ميزة تعكس إلى الموهبة، قدرة ولياقة احترافيتين حقّقهما جمال سليمان عبر رحلة طويلة مع الدراما السورية لعب خلالها أدوار البطولة في بعض أهم الأعمال السورية، وأكثرها تركيباً. وهي الأدوار التي حظيت كذلك بمشاهدات جماهيرية كثيفة ونجاحات نقدية واضحة. ما الذي يخبئه دوره الجديد في «أفراح إبليس»؟ لا نقصد هنا «حدّوتة» الدور وتفاصيله، بل ما يمكن أن يقدّمه الدّور من إضافات له، سواء من خلال بنية الشخصية أو ما تحمله من مفاهيم وجدّتها على المشاهد. هي مسألة بالغة الأهمية تجعلنا نفهم أن يقوم نجم في حجم او حضور جمال سليمان بدور الصّعيدي مرّة أخرى. التساؤل هنا يتعلّق كذلك بالمخيلة الإخراجية التي تدير العمل الجديد بعد تجارب ناجحة جداً حقّقها مع أبرز المخرجين السوريين وفي مقدمهم هيثم حقي وحاتم علي، قدّم خلالها أدواره التي لا تنسى في «خان الحرير»، «ذكريات الزمن القادم»، «صلاح الدين»، «صقر قريش»، «ملوك الطوائف» و «التغريبة الفلسطينية»... وهي أدوار عكس تنوعها قدرة جمال سليمان على تحقيق النجومية في مساحة التلفزيون التي قيل لغط كثير عن شبهها بورق الصّحافة اليومية. كثر من محبي سليمان ينتظرون أن يشاهدوا «أفراح إبليس» ليروا ماذا يمكن ان يضيف هذا الممثل السوري الى أعمال الصعيد، خصوصاً بعد تألّقه اللافت في عمله المصري الأول «حدائق الشّيطان» الذي يظلّ حالة بالغة الخصوصيّة تؤشّر إلى صحّة التعاون الدرامي العربي في فن لا يعترف بالحدود والجنسيات واللّهجات بل بالموهبة وبحسن اختيار الممثّل المناسب للدور المناسب.