شهدت المدينةالمنورة أواخر العام الهجري الماضي حدثاً إسلامياً بارزاً، تردد صداه في مختلف أنحاء المعمورة، تمثل في وضع خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبد العزيز حجر الأساس لأكبر توسعة في تاريخ المسجد النبوي الشريف، لتصل طاقته الاستيعابية بموجبها إلى 1.8 مليون مصلٍ مع نهاية أعمال المشروع. ومرّ المسجد النبوي الذي يعد من أكبر المساجد في العالم بحسب وكالة الأنباء السعودية بتوسعات عدّة عبر التاريخ، مروراً بعهد الخلفاء الراشدين والدولة الأموية فالعباسية والعثمانية، وأخيراً في عهد الدولة السعودية، إذ شهد توسعات هي الأضخم في تاريخه. ويعد المسجد النبوي أول مكان في الجزيرة العربية تتم فيه الإضاءة عن طريق استخدام المصابيح الكهربائية عام 1327ه، كما يعد ثاني مسجد بناه النبي عليه أفضل الصلاة والسلام في العام الأول من الهجرة، وكانت أرض المسجد مربداً (مكاناً لتجفيف التمر) لغلامين يتيمين، اسمهما «سهل وسهيل». واختط الرسول الكريم أرض المسجد، فجعل طوله 50 متراً، وعرضه 49 متراً، وجعل القبلة إلى بيت المقدس، وحفر أساسه، وسقفه بالجريد، وجعل عمده جذوع النخل، وجعل له ثلاثة أبواب، باب في مؤخرة المسجد، وكان يقال له باب عاتكة أو باب الرحمة، وباب جبريل وهو الذي يدخل منه الرسول صلى الله عليه وسلم، وجعل في مؤخرة المسجد مكاناً مظللاً يعرف «بالصفة»، وهو المكان الذي كان يأوي إليه الغرباء والمساكين. التوسعة في عهد الدولة السعودية أعلن الملك عبدالعزيز رحمه الله في خطاب رسمي عام 1368ه عزمه توسعة المسجد النبوي الشريف والبدء بالمشروع، وفي 1370ه بدأت أعمال الهدم للمباني المجاورة للمسجد النبوي الشريف. وفي ربيع الأول 1374ه، احتفل بوضع حجر الأساس للمشروع في حضور ممثلين عن عدد من الدول الإسلامية، ونظراً لأن عمارة السلطان عبدالمجيد كانت في أحسن حال، فضلاً عما تتسم به من جمال وإتقان، فقد تقرر الإبقاء على قسم كبير منها، واتجهت التوسعة إلى شمال وشرق وغرب المسجد الشريف. عهد الملك سعود انتهت العمارة والتوسعة في عام 1375ه في عهد الملك سعود - رحمه الله - وزاد مسطح المسجد 6033 متراً مربعاً، واحتفظ بالقسم القبلي من العمارة المجيدية كما هو، وهو ما كان صالحاً للبقاء، وبذلك أصبح مجمل العمارة السعودية 12271 متراً مربعاً. ... والملك فيصل وفي عهد الملك فيصل - رحمه الله - ونظراً لتزايد الأعداد الوافدة إلى المسجد النبوي، أصدر الملك فيصل أمره بتوسعة المسجد النبوي الشريف، وكانت هذه التوسعة من الجهة الغربية للمسجد النبوي الشريف فقط. وتمثلت التوسعة في إضافة 35.000 متر مربع إلى أرض المسجد النبوي الشريف، ثم أضيفت مساحة 5550 متراً مربعاً وظللت كذلك، ما أتاح المجال لاستيعاب أعداد أكثر من المصلين. ... والملك خالد وفي عهد الملك خالد - رحمه الله - حصل حريق في سوق القماشة عام 1397ه، وهو في الجهة الجنوبية الغربية للمسجد النبوي الشريف، وتمت إزالة المنطقة، وتسوية أرضيتها، وتعويض أصحاب الدور والعقار، وتمت إضافتها إلى مساحة المسجد، وبلغت المساحة 43000 متر مربع، وهو ميدان فسيح مظلل، وأضيف إلى أرض المسجد النبوي، ولم تتناول عمارة المسجد، وقد تم تخصيص جزء منها مواقف للسيارات. ... والملك فهد أمر الملك فهد بن عبدالعزيز - رحمه الله - بإجراء دراسات لتوسعة كبرى للحرم النبوي، وكان دافعه إلى ذلك كله أن يكون للحرمين الشريفين قيمة متوازية، كما لهما القيمة الروحية العظمى لدى المسلمين في كل مكان في أرجاء العالم الإسلامي، وفي عام 1405ه تم وضع حجر الأساس لمشروع التوسعة للمسجد. تدشين التوسعة الأكبر في تاريخ المسجد شهد المسجد النبوي الشريف أكبر توسعة على مدى التاريخ في عهد خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز، إذ تم تدشين أكبر توسعة للمسجد، إلى جانب مشروع مظلات المسجد النبوي التي أمر بها الملك عبدالله بن عبدالعزيز، وهي من المشاريع العملاقة، إذ جاء التوجيه بتصنيعها وتركيبها على أعمدة ساحات المسجد النبوي الشريف التي يصل عددها إلى 182 مظلة، ثم أمر بإضافة 68 مظلة في الساحات الشرقية، وتغطي هذه المظلات مساحة 143 ألف متر مربع من الساحات المحيطة بالمسجد.