حتى السبت الماضي ولمدة أربعة أيام سبقتها بقي مصنع أسمنت المنطقة الشمالية - وهي شركة مساهمة عامة مملوكة للمواطنين - مقفلاً، عقب إغلاق لجنة مشكّلة من إمارة منطقة الحدود الشمالية ووزارة النقل وشرطة المنطقة، الطريق المؤدي إلى مصنع الشركة، ما أدى إلى توقف دورة العمل وعدم مرور الشاحنات من المصنع وإليه. التفاصيل التي حققت فيها الزميلة «الاقتصادية» تقول إن فرع وزارة النقل في المنطقة يرجع سبب إغلاق الطريق إلى عدم تنفيذ الشركة جسراً علوياً يربط بين المصنع والطريق الدولي، وأكدت المصادر في وزارة النقل أن الشركة ملزمة بتمديد الجسر الرابط بين المصنع والطريق الدولي حفاظاً على أرواح المارين في المنطقة. حسناً، سنشهد سجالاً في الأيام المقبلة بين شركة تقول إن الجسر يكلفها 18 مليون ريال، وإن ذلك يقتضي «مشاورة» المساهمين عبر جمعية عمومية، وبين العديد من الجهات الحكومية تقودها وزارة النقل التي ستدافع عن إجرائها لحماية العابرين، على رغم أن بعض طرق الشمال ظلت عقوداً من الزمن وفق ما نقرأ من المطالبات، تشكل خطراً على حياة العابرين بضيقها وسوئها. لن أدخل طرفاً في النقاش، سأكتفي بالضحك و«الوناسة»، فنحن في أسبوع تنفس الموظفين صباحاً في طرقات الرياض، وهذه باتت بهجة يصعب السماح لأحد أن يفسدها، وأضحك كثيراً أن مصنعاً بهذا الحجم تأسس وشيّد وبدأ الإنتاج، وطرح مساهمة عامة وجمع أموال الناس، ثم طرح في سوق الأسهم، وتداول، ثم وثم، ثم أفاقت الجهات الحكومية الأربع لتلزمه ببناء جسر! إذا كان هناك اتفاق مسبق بين «الحكومة» والمصنع على إنشاء هذا الجسر، فالشركة لم تفصح لمن اكتتب معها أن عليها بناء مشروع مثل هذا، ويجب معاقبة مسؤوليها، وتحميل من تسبب في ذلك خسائر المساهمين المتوقعة من توقف إنتاج مصنعها، وإذا لم يكن هناك اتفاق مسبق بذلك فإن اللجنة تمارس تعسفاً اقتصادياً غير مبرر، وهي يمكنها الاتفاق مع الشركة على حل سواء بينهما، بإعطاء مدة زمنية يمكن جدولة تكاليف المشروع خلالها، أو المشاركة في تكاليفه. هل درس تأثير القرار في أسعار الأسمنت في المنطقة، ووضع الموظفين في المصنع، ومستثمري نقل الأسمنت؟ ثم على أموال مساهمي الشركة؟ لا يبدو في الأفق شيء من ذلك. ثم يأتي الكلام الذي يهمنا أكثر ربما، فنحن سنفهم من هذا الإجراء الحكومي أن أي مصنع تشكّل شاحناته خطراً على عابري الطريق سيتم إغلاقه حتى يبني جسره الخاص به، فهل سينطبق هذا على الجميع؟ ولدينا في بعض المدن وعلى رأسها العاصمة الحبيبة مصانع أسمنت وغيرها ليست فقط تجاور الطرقات وتزحمها، بل هي تجاور المنازل وتنفث في شرفات غرف الأطفال مخاطر أكبر من خطر شاحنة تمر محملة بالأسمنت على طريق دولي. موسم «الضحكة» من الشمال قد بدأ، وسنرى كيف تسير القضية التي تعكس تباعد الجهات الحكومية وضعف التنسيق بينها حتى تقع المشكلة، فتقترب من بعضها بعضاً مجدداً. [email protected] mohamdalyami@