تتصدر البرامج التلفزيونية الرمضانية، جانباً من الأهمية في رمضان، إذ يُعد هذا الشهر توقيتاً دسماً للإنتاجات التلفزيونية المختلفة، وهذا ما جعل القنوات الفضائية العربية، تحرص وبشكل كبير على إشعال حمى المنافسة بين المؤسسات الانتاجية المختلفة، لتفرز خليطاً كبيراً من تلك الانتاجات، التي واجهت غضباً عارماً من التيارات المحافظة، والتي رأت فيها «وسيلة من وسائل الشيطان، التي تُبعد عن ذكر الله، وتُفرق الناس عن جوهر هذا الشهر الفضيل» بحسب تصريحات أطلقها أئمة مساجد، ومحاضرون متدينون. وحرصت القنوات الفضائية اخيراً، على كسب أكبر عدد من المشاهدين من خلال تخصيص برامج مكثفة للترويج عما في جعبتها، لتدخل الصراع الذي يحتدم قبل يوم من أول أيام الصيام، ويتجه الانتاج التلفزيوني إلى، تقسيم المواد الرمضانية المقدمة من خلال المسلسلات المزدحمة، وبرامج المسابقات، وبرامج دينية محدودة جداً، ولوجوه أصبحوا سمة من سمات هذه البرامج. ويقدر عدد المسلسلات المنتجة لرمضان هذا العام، أكثر من 115 مسلسلاً خليجيا وعربياً، وتتصدر دولة الكويت القائمة الخليجية بأكثر من 20 مسلسلاً، والمصرية كالعادة بأكثر من 52 مسلسلاً، وتليها السورية ب 28 مسلسلاً، بتكلفة تصل إلى بليون ريال، وهذا العدد الكبير من الانتاج الدرامي لا يسكب إلا في قارورة هذا الشهر، لتزدحم الفضائيات العربية بها، وسط محاولات مضنية لجذب عيون المشاهد العربي، وفق حملات دعائية مكثفة انطلقت في وقت متأخر هذا العام على غير العادة. ويترجم الشيخ محمد الدوسري هذا العدد الضخم من الانتاجات الدرامية في هذا الشهر ب«الكارثة الحقيقية، فمنذ وجودنا ونحن نعلم بأنه شهر للعبادة وذكر الله، لكن هذه الانتاجات، المبذول عليها بسخاء مفرط، تسرق الجيل الحالي من المساجد وروحانية هذا الشهر، لتجعلهم منومين مغناطيسياً أمام الشاشات، إنه أمر محزن ومقلق في الوقت نفسه». ويقول: «الاحصائيات تشير إلى أن ما يُنتج من برامج ومسلسلات مخصصة لرمضان، يتجاوز بأضعاف ما يُنتج خلال العام بأكمله، والسؤال المطروح هنا، لماذا هذا الانتاج الضخم والمتزايد عبر هذه السنوات وكل عام ترتفع المؤشرات الاحصائية ولا ندري في الأعوام المقبلة ما الذي سنشهد؟»، مضيفاً «نحن مسؤولون أمام الله تعالى عن هذه التجاوزات الكبيرة، فبدل أن ننفق على إطعام جياع الأرض وأن نؤسس حلقات لتحفيظ كتاب الله، وأن نبني دوراً للمشردين وأن نقيم مساجداً، ننفق على مسلسلات تلفزيونية، إنه أمر مؤسف بحق»، اذا عرفنا أن المبالغ المصروفة على إنتاج هذه المسلسلات والبرامج، يكفي لإطعام 100 مليون صائم. ويعمد بعض المشاهدين قبل أول يوم من أيام رمضان، إلى كتابة قائمة لأوقات المسلسلات المفضلة لديهم، يقول سعد الرويلي: «في كل عام أضع قائمة بالبرامج والمسلسلات والتوقيت المختلف لها، حتى يتسنى لي متابعة ما استطيع منها، لأنه الشهر الوحيد، الذي ألتفت فيه الى المسلسلات»، مضيفاً «أعرف كثيرين يكتبون مثل هذه القوائم، لأن مشاهدة التلفزيون في رمضان أصبحت من الطقوس، التي لا نستغنى عنها». ويرى عدنان السويلمي أن «مؤسسات الانتاج، لا يمكن أن تفوت نسب المشاهدة المرتفعة لإنتاجاتها في رمضان، ونحن سمعنا بالخسائر ،التي تكبدتها بعض المسلسلات، نتيجة حجبها أو عدم وجود توقيت شاغر لها، مثل فنجان الدم، ومسلسل ثمن الخطيئة وغيرها، ما يوحي بأهمية هذا الشهر على سوق الانتاج، وتبقى قنوات فضائية على راس الهرم، مثل مجموعة أم بي سي، وقناة أبو ظبي ودبي، والقنوات الكويتية مثل الراي وغيرها، والتي أكتسبت نسبة مشاهدة كبيرة جداً». ويقول «هناك حرب طاحنة في هذا الشهر، ففي جمعة الأسبوع الماضي، تركزت الخُطب الدينية حول هذا الموضوع الخطير على حد وصف المشائج وأئمة المساجد، كانت التحذيرات تصب في محاولة لإنقاذ الصائمين والمراهقين على وجه الخصوص من أزمة التلفزيون في رمضان، ومن المعتاد أن تخرج خطب مكثفة مع أول جمعة من شهر رمضان، تحذر وتدعو إلى عدم الاستسلام إلى الفضائيات والالتفات إلى طاعة الله وأداء الفروض وعدم التهاون بها».