أظهر الحكم المصري صورة مغايرة في التعاطي مع معارضي الدول الأخرى المقيمين في مصر، إذ فتحت السلطات المصرية أمس ملف رموز نظام العقيد الليبي الراحل معمر القذافي المقيمين على الأراضي المصرية منذ الثورة، بعدما أوقفت ثلاثة منهم أبرزهم أحمد قذاف الدم، فيما علم أن نحو 23 من رجال النظام السابق مدرجون على لائحة الملاحقات الأمنية. وأفيد بأن عملية التوقيف تندرج ضمن اتفاق أبرم بين القاهرةوطرابلس في كانون الثاني (يناير) الماضي، يقضي بتشكيل لجنة تعمل على إزالة العوائق القانونية أمام تسليم المطلوبين الليبيين الموجودين على الأراضي المصرية. وبدا من العملية أنها محاولة من المسؤولين المصريين لتلطيف الأجواء مع القيادة الجديدة في ليبيا، بعدما تدهورت العلاقات خلال الأشهر الأخيرة. وسرت تكهنات بأن ليبيا تعرض القيام باستثمارات ضخمة وفتح أسواقها أمام العمالة المصرية في حال استجابت مصر طلب تسليم مسؤولي النظام السابق، وهو عرض تقدمه ليبيا لكل الدول التي فر إليها مطلوبون بعد سقوط القذافي. وأجرت السلطات القضائية المصرية أمس تحقيقات مع أحمد قذاف الدم الذي اعتقلته السلطات الأمنية فجراً بعد حصار لمنزله في ضاحية الزمالك (شرق القاهرة)، إضافة إلى السفير الليبي السابق لدى مصر علي محمود ماريا، ومحمد منصور، تمهيداً لتسليمهم إلى طرابلس عبر الانتربول الدولي. وأصدر النائب العام المصري قراراً بحبس قذاف الدم ثلاثين يوماً احتياطياً. وأوضحت مصادر قضائية ل «الحياة» أن الثلاثة محتجزون تمهيداً لتسليمهم «خلال ساعات» للسلطات الليبية، مشيرة إلى أن توقيفهم جاء «بناء على طلب من الشرطة الجنائية الدولية، لاتهامهم بارتكاب جرائم إبان نظام حكم القذافي. وأوضح رئيس مكتب التعاون الدولي التابع للنائب العام المصري المستشار كامل سمير جرجس أن التهم المطلوب بشأنها أحمد قذاف الدم ومحمد منصور وعلي ماريا «جرائم مالية»، مشيراً إلى أنه «لم توجه لهم اتهامات متعلقة بالقتل». والموقوفون الثلاثة هم ضمن لائحة تضم عشرات المطلوبين وبينهم رجال أعمال ورجال أمن واستخبارات في عهد القذافي. وكشفت مصادر أمنية إنه «جارٍ ملاحقة قائمة تضم 23 شخصاً». وذكرت مجلة «الأهرام العربي» نشرت العام الماضي لائحة قالت إن السلطات الليبية قدمتها إلى مصر بأسماء مطلوبين يُشتبه في اختبائهم على أراضيها. وضمت اللائحة: عمران بو كراعي، مسؤول الشؤون العربية بوزارة الخارجية الليبية، ناصر المبروك وزير الداخلية السابق، الطيب الصافي وزير الاقتصاد والتجارة، محمد حجازي وزير الصحة، السنوسي سليمان، الوزري وزير الداخلية السابق، أحمد قذاف الدم ابن عم العقيد القذافى، أبريك المنقوش الزوي أحد أعضاء حركة اللجان الثورية، عطاالله قذاف الدم صهر أحمد قذاف الدم، حميد إبراهيم القذافي، علي التريكي وزير الخارجية الليبي السابق، علي محمود ماريا، سفير ليبيا السابق لدى القاهرة، التهامي محمد خالد رئيس جهاز الأمن الداخلي سابقاً، بوزيد الجبو القذافي مدير المخابرات الحربية، عبدالله منصور أمين هيئة الإذاعة السابق، علي الكيلاني رئيس التلفزيون الليبي السابق. في غضون ذلك، انتقدت رئيسة اتحاد المحامين الافرواسيوي الدكتورة عصمت المرغني في شدة توقيف قذاف الدم، وأشارت في تصريحات إلى «الحياة» إلى أن إجراءات توقيفه تخالف الدستور المصري الذي يلزم السلطات بمنع حق اللجوء السياسي للمحرومين من حقهم في بلادهم ويحظر تسليم. ولفتت إلى أن أحمد قذاف «مقيم بشكل شرعي في الأراضي المصرية لدى عائلته، باعتبار أن أمه مصرية».