تصخب الأسواق الواقعة في محيط المسجد النبوي الشريف والطرق المؤدية إليه بأصوات الباعة الجائلين، وأصحاب البسطات الصغيرة، وهم يتسابقون على الترويج لبضائعهم لإقناع الزوار بالشراء من سلع المدينةالمنورة بقولهم ( على طلبك يا حاج، بركة المدينة ياحاج)، نداء باللغة العربية يخالطه أصوات للباعة الذين يتقنون إلى جانبها مختلف لغات زوار المدينة، خصوصاً في أوقات ذروة الحركة قبل وبعد أوقات الصلاة، بل يمضون في الترويج لبضاعتهم بإعلان قيمة السلع حسب قيمة عملات الزوار والمعتمرين، وسعر الصرف المقابل لها بالريال السعودي. ويمثل حرص الزوار على الشراء أحد أهم الأسباب لانتشار الباعة الجائلين والمفترشين. ويوضح أحد ملاك البسطات في المنطقة المركزية سالم زيتوني أن اختيار السلع يتوقف على جودتها ووزنها، إضافةً إلى الثمن ووقوعه في متناول القدرة الشرائية للغالبية منهم كأهم العوامل للإقبال على الشراء، مؤكداً أن التمور، والحناء، والبخور، والفضيات، والسبح والقماش، والسجاد، وأشرطة الصوتيات لتلاوة أئمة الحرمين الشريفين للقرآن الشريف، الأكثر رواجاً من بين أنواع الهدايا التي يحرص عليها غالبية الزوار، كونها تمثل ارتباطاً بعبق أيام قضوها في جنبات المدينة، وزاروا من خلالها المسجد النبوي الشريف والسلام على النبي محمد صلى الله عليه وسلم، وصاحبيه أبي بكر الصديق، وعمر بن الخطاب رضي الله عنهما. ويشير مالك أحد المحال بالمنطقة المركزية سامر فضل ل «الحياة» إلى أن بعض الزوار من جنسيات مختلفة يعرضون بعض المنتجات من بلدانهم ،خصوصاً الأقمشة الملونة بالنسبة للزوار الأفارقة، والخواتم والأحجار الكريمة والسبح بالنسبة للإيرانيين والأتراك، والعطور الشرقية كالعود والعنبر وغيرهما للزوار القادمين من الهند وباكستان. والعسل والخردوات والتحف الخفيفة من زوار آسيا الوسطى. ويمثل هذا النوع من التجارة نشاطاً ورواجاً كبيراً خلال هذه الفترة، مايضطر كثيراً من التجار لشراء البضائع وإعادة عرضها بعد انتهاء موسم العمرة بهامش ربح جيد، وفيما تقف التمور بأنواعها في مقدمة اهتمامات الزوار، إلا أن فرق السعر الذي تشهده خلال موسم العمرة يمثل جزءاً من معادلة الكمية التي يبتاعها المعتمرون أو رؤساء الحملات بإبرامها، وتحظى «عجوة المدينة»، و«البرني» بأكثر أنواع التمور إقبالاً للشراء. ويؤكد «فضل» أن الزوار من الجنسية التركية، ومعتمري جنوب شرق آسيا، ودول الخليج ، من أكثر الناس إقبالاً على شراء كميات كبيرة من التمور وشحنها جواً إلى بلدانهم، ويقبل زوار أفريقيا وإيران والعراق على شراء الأقمشة والملبوسات المختلفة، فيما يغلب على زوار الأقليات الإسلامية شراء الكتب، والوسائط السمعية والبصرية، ذات المحتوى الديني أو التاريخي، وتوفر بعض محال الجملة في المدينة إمكان إيصال البضائع إلى جدة وتهيئتها للشحن كنوع من التسويق الموسمي لبضائعهم. وأوضح مصدر مطلع في الغرفة التجارية الصناعية في المدينةالمنورة ل «الحياة» أن تجارة الهدايا الموسمية تسهم في توافر فرص وظيفية موسمية لأكثر من 1500عامل سنوياً.