دعا رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي الى اعادة تقويم الاجراءات الأمنية، عقب سلسلة التفجيرات التي هزّت بغداد صباح أمس واسفرت عن مقتل 95 عراقياً وإصابة 560، ورافقتها عمليات قصف بقذائف الهاون طاول عدداً من الأحياء واصابت مؤسسات ومنازل داخل المنطقة الخضراء، فيما أُحبطت محاولتان للتفجير بشاحنة وسيارتين مفخختين. واعترف الناطق العسكري في غرفة العمليات في بغداد بالتقصير والإهمال. وفيما دانت الأممالمتحدة والاتحاد الأوروبي والجامعة العربية هذه التفجيرات، اعلنت وزارة الدفاع الأميركية أنها لن تغير خطة سحب قواتها. وجاءت هذه التفجيرات، التي تعد الأسوأ في بغداد منذ انسحاب القوات الاميركية من المدن في حزيران (يونيو) الماضي، وتفجيرات كبيرة في الموصل الأسبوع الماضي، على رغم تأكيد الحكومة قدرة اجهزتها الأمنية على سد الفراغ، وفي اجواء احتدام الصراع بين القوى السياسية قبيل الانتخابات البرلمانية المقررة في كانون الثاني (يناير) المقبل، صراع تغذيه تدخلات اقليمية ودولية تساهم في إذكاء التوتر وتبادل الاتهامات حول مسؤولية الاضطرابات الامنية. واستهدفت 6 تفجيرات ضخمة، بتعاقب سريع، وقصف بالهاون مقرات حكومية وديبلوماسية، ابرزها تفجيران بشاحنتين قرب وزارتي المال والخارجية، وثالث قرب البرلمان العراقي في «المنطقة الخضراء»، وانفجار رابع بسيارة مفخخة في منطقة البياع (جنوب بغداد) . كما سقطت 3 قذائف هاون على وزارة الدفاع ومركز للشرطة واخرى داخل «المنطقة الخضراء» سقطت قرب مجمع الاممالمتحدة، كما تعرض مبنى محافظة بغداد لهجوم بقذائف الهاون. كما سقطت قذائف هاون في حي الصالحية (وسط بغداد) الذي يضم قواعد للجيش ومكاتب تلفزيونات محلية. وقال المالكي في بيان ان «العمليات الاجرامية تستدعي من دون ادنى شك اعادة تقويم خططنا وآلياتنا الامنية لمواجهة التحديات الإرهابية والاحتفاظ بالمبادرة. ودعا الى «زيادة التعاون بين الاجهزة الامنية وابناء الشعب والوقوف في وجه محاولات التشكيك في قواتنا المسلحة التي اثبتت قدرة عالية في التصدي للارهابيين». وأضاف: «سبقت هذه الجرائم البشعة حملة تشهير وتحريض وتشويه منظمة قادتها جهات معروفة في محاولة يائسة لإرباك العملية السياسية والتأثير على الانتخابات البرلمانية التي ستُجرى في مطلع العام المقبل». واعتبر ان هذه «المواقف هيأت الاجواء للارهابيين لتنفيذ جرائمهم بحق الابرياء الى جانب فتاوى التكفير التي لم تتوقف يوماً عن تأجيج الطائفية». وكان الناطق باسم قيادة عمليات بغداد اللواء قاسم عطا اتهم «التحالف البعثي - التكفيري بتنفيذ العمليات الارهابية»، واعترف بالتقصير والإهمال وأعلن فتح «تحقيقات عاجلة» لكشف ملابسات التفجيرات. وسارع سياسيون عراقيون الى تحميل القوى الامنية، التي «تفتقر الى التنسيق وتعاني الاختراقات والفساد، مسؤولية الاحداث»، فيما اعتبر بعضهم ان تسلل شاحنات مفخخة الى مناطق قريبة من وزارات المال والخارجية والتربية يطعن بصدقية الاعلانات الرسمية عن القدرة على حفظ الامن. وتزامن الانهيار الأمني الأخير في بغداد مع تحذيرات من تصاعد اعمال العنف بالتزامن مع اقتراب موعد الانتخابات البرلمانية. وفيما أعلنت القيادات الأمنية ان امكانات الجماعات المسلحة «باتت في حكم المنتهية عادت هي نفسها أمس الى تحميل «البعثيين والتكفيريين» مسؤولية التفجيرات التي أكدت مصادر امنية انها تحتاج الى امكانات كبيرة وقدرة على التنسيق ونقل المتفجرات والوصول الى مناطق حساسة. ويلاحظ ان التدهور الأمني تزامن مع احتدام الصراع الداخلي بين القوى السياسية، واتهامات لقوى اقليمية بالتدخل في الشأن العراقي، في ظل الحديث عن إعادة رسم الخريطة السياسية بعد تعثر المفاوضات لعقد تحالفات انتخابية بين قوى كانت متحالفة وانفراط أخرى. وحذّر مراقبون من تواصل الاضطراب الأمني حتى إجراء الانتخابات ما يسهل انتشار عمليات التزوير والتأثير وضعف الرقابة خلال الاقتراع. الى ذلك دان الرئيس جلال طالباني التفجيرات ودعا الى «ضرب بؤر الإرهاب والعنف بقوة وتجفيف منابع تمويلها ودعمها»، مطالباً القوات الأمنية والعسكرية ب «الاضطلاع بمسؤولياتها». قال الأمين العام للامم المتحدة بان كي مون إنه يشعر «بالحزن الشديد» بسبب التفجيرات «المروعة» التي وقعت في بغداد، بعد 6 ايام من إحياء المنظمة الدولية الذكرى السادسة للتفجير المدمر لمكاتبها في بغداد الذي أدّت الى مقتل 22 شخصاً، بينهم المبعوث الخاص للمنظمة سرجيو فييرا دي ميلو. كما دانت الرئاسة السويدية للاتحاد الاوروبي الاعتداءات «العنيفة» التي وقعت في بغداد. ودانت جامعة الدول العربية بشدة امس «التفجيرات الارهابية»، وأعرب الأمين العام للجامعة عمرو موسى عن «بالغ استيائه من هذه الاعمال الإجرامية التي تستهدف المواطنين الأبرياء ومؤسسات الدولة وزعزعة الأمن والاستقرار في العراق».