شرعت أمس، الجالية الجزائرية المقيمة في الخارج في التصويت على أحد المرشحين الستة للانتخابات الرئاسية، على أن يكون موعد التصويت في الداخل الخميس المقبل، وشهدت العاصمة الجزائرية في اليوم السابع عشر من الحملة الانتخابية، تصعيداً من حزب «التجمع من أجل الثقافة والديموقراطية» المعارض الذي بدأ في توزيع منشورات في ثلاثة أحياء وسط العاصمة يدعو فيها المواطنين إلى مقاطعة الانتخابات الرئاسية. ومع اقتراب موعد الاقتراع، يكاد المرشحون الستة ينهون جولاتهم في ولايات الداخل الجزائري. وبدت الصورة واضحة عن برنامج كل مرشح عقب أكثر من أسبوعين من عرض المشاريع. وما زال «مرشح الإجماع» الرئيس الحالي عبدالعزيز بوتفليقة المرشح الذي يتفق جميع المراقبين على انه يملك حظوظاً للفوز لا ينافسه فيها أحد يوم التاسع من نيسان (أبريل) الجاري. وكان لافتا طيلة الأسبوعين الأولين من الحملة إعادة الرئيس المرشح صوغ مفاهيم عدة تتعلق أولاً بالمصالحة الوطنية. وهو رسم في خطاباته خطوطاً حمراء عدة ل «التائبين» عن العمل المسلح تنذر بإغلاق باب الممارسة السياسية في وجههم على مدى السنوات المقبلة. وأبدى بوتفليقة انفتاحاً واضحاً أمام مسلحي «القاعدة» الذين يتخلون عن العنف وتشدداً أمام المصرّين منهم على مواصلة حمل السلاح ضد النظام. وركّز خصوم بوتفليقة على ما وصفوه ب «الممارسات التي عرفتها فترة حكمه» المستمرة منذ 1999. كما شهدت الحملة هجوماً من ثلاثة مرشحين على اللجنة السياسية لمراقبة الانتخابات بلغت حد التهديد بالانسحاب. ورسم المرشحون الخمسة المنافسون لبوتفليقة، وهم لويزة حنون، علي فوزي رباعين، موسى تواتي، جهيد يونسي ومحمد السعيد، صورة وردية عن حال الجزائر إن هم فازوا بمقعد الرئاسة. وكانت مشاكل الشباب والهجرة السرية محوراً أساسياً في خطابات المرشحين، في الوقت الذي أجمع مراقبون على أن تعاطي الشارع مع برامج المرشحين كان الأكثر سلبية في تواريخ الانتخابات التي عرفتها الجزائر في السنوات العشرين الأخيرة. ودخلت الحملة الانتخابية «منعرجاً» مع دخولها الأسبوع الثالث الأخير، مع انتقال حزبي المعارضة، جبهة القوى الاشتراكية والتجمع من أجل الثقافة و الديموقراطية، نحو تنفيذ «تهديدهما» بمباشرة حملة «مقاطعة إيجابية» للاقتراع الرئاسي. وفي حين نظمت جبهة القوى الاشتراكية مسيرة في قلب تيزي وزو (110 كلم شرق العاصمة)، أقدم حزب التجمع على تنكيس العلم الجزائري أمام مقراته ورفع مكانه راية سوداء تعبيراً عن «الحداد» يوم الانتخابات. وأدت خطوة التجمع الذي يقوده سعيد سعدي، إلى شن هجوم عليه من أغلب الأطياف السياسية، وتحولت قضيته إلى ملف في قلب الحملة الإنتخابية. لكن سعيد سعدي استنكر في مؤتمر صحافي، أمس، الهجوم الموجه إليه، وشن هجوماً على الرئيس بوتفليقة واتهمه ب «استغلال مبالغ خيالية من خزينة الدولة والشركات العمومية والخاصة لحملته». وأوضح سعدي انه لم يكن هناك أصلاً علم مرفوع فوق مقر حزبه وأن رفع الراية السوداء كان «تعبيراً عن موقف سياسي ودليل حداد على الديموقراطية» وليس لإهانة أحد الرموز الوطنية. وقرر الحزب تنظيم حملة لتوزيع منشورات تدعو الى مقاطعة الانتخابات الرئاسية في شارع ديدوش مراد وسط العاصمة وحي الأبيار وحي باب الوادي الشعبي، إضافة إلى المدن الكبرى.