في الوقت الذي باتت فيه «موضة» الصورة «الملتقطة ذاتياً»، والمعروفة ب «سيلفي» شائعة لدى كثيرين، إذ لا تخلو جلسة أو زيارة أو رحلة من التقاط صور للمجتمعين، ونشرها على مواقع التواصل الاجتماعي، لتصبح في الآونة الأخيرة جزءاً لا يتجزأ من الحياة اليومية لملايين الأشخاص حول العالم، حتى غزا هوس ال «selfie» المشاعر المقدسة لتخليد لحظات الحج «الروحانية» يعيشها الحجاج خلال وجودهم بأطهر بقاع الأرض، عبر كاميرات أجهزتهم الذكية، بعد أن كان حجاج الماضي يلجأون إلى الكاميرات الفوتوغرافية «التحميض» والكاميرات الفورية القديمة مروراً بكاميرات الفيديو، لإعادة مشاهدة لحظات تم تسجيلها والتقاطها خلال رحلة العمر. الحاج الكويتي سعد العجمي لا يرى أن موضة «سيلفي» جديدة بقوله: «هي موضة معروفة منذ زمن بعيد لكن كانت آنذاك في شكل بدائي، من خلال استخدام الأشخاص للكاميرا الفورية القديمة ذات الحجم الضخم أو كاميرا أم «تحميض»، إلا أن التكنولوجيا الجديدة والكاميرات الاحترافية (الأمامية والخلفية) المزودة بالأجهزة الذكية الحديثة وشبكات التواصل الاجتماعي أكسبتها شهرة واسعة، لافتاً إلى أن الكاميرا الأمامية في هاتفه النقال لم تعرف الراحة منذ وصوله وأسرته إلى المشاعر المقدسة. وأضاف: «حرصنا على التقاط صور ال «selfie» الفردية والجماعية منذ الوصول إلى مطار جدة لتوثيق لقطات ل «التاريخ» في أعظم زمان وأطهر مكان على وجه الكرة الأرضية وهي صور نادرة «تنّشرا» بدراهم». فيما تؤكد الحاجة الإماراتية شهد المزروعي أنها التقطت وزوجها منذ وصولها براً إلى الأراضي السعودية أكثر من 40 صورة فردية وجماعية، وتقول: «تلبية لرغبة أبنائي في أبوظبي ولكي أضعهم في قلب الحدث أولاً بأول بحسب وصفهم، فأنا مضطرة لنشر تلك الصور فور التقاطها عبر حساباتي الشخصية في الشبكات الاجتماعية». وأوضحت أنها اشترت من أحد الباعة بمشعر منى «عصا سيلفي» بمبلغ 200 ريال ليساعدها على التقاط صور بزوايا أوسع وإضاءة أكثر أثناء تأديتها مناسك الحج، مبينة أن «السيلفي» منتشر في شكل كبير بين الحجاج، لدرجة أنه لا يمكنك أن تسير لدقائق دون أن تصادف اثنين أو ثلاثة من الحجيج على الأقل رجالاً ونساء يسترقون كل لحظة لالتقاط صور ذاتية، خصوصاً في وسط الأجواء الروحانية. ويستبعد الحاج اليمني محمود القادري أن يكون التقاط صور ال «selfie» أثناء تأدية الحج أمراً يشغل الحاج عن تأدية مناسكه بتضرع وخشوع، ويقول: «مدة التقاط الصور الذاتية لا تتجاوز ثواني معدودة ولا تأخذ أي جهد أو وقت من الحاج لأنها تتسم بالبساطة وتخلو من التصنع أو التكلف، وشخصياً أرى أن صور «سيلفي الحج» وتوثيق الحاج لصوره داخل المشاعر باتت «حاجة ضرورية» لتجسيد حاضر نادر قد لا يتكرر معه إلا مرة واحدة في العمر وسيغدو ذكرى جميلة له بعد مرور الزمن». ولفت إلي أن حلمه وما يشغل تفكيره هو أن يلتقط سيلفي مع «الحجر الأسود» أثناء طواف الوداع وعلى رغم الصعوبة البالغة بسبب شدة الزحام بين الحجاج، إلا أنه أكد أنه سيفعل كل شيء من أجل تحقيق هذا الحلم. من جهته، يؤكد عضو مجمع الفقه الإسلامي الدكتور حسن سفر أن التشريع الإسلامي يؤكد ضرورة أن يتفرغ الحاج للدعاء والتسبيح أثناء تأدية مناسك الحج وعدم الانشغال بالتصوير والإرسال داخل المشاعر المقدسة، لأن ذلك أمر غير محمود وينافي السكينة ويفوت عليه المقصود من هذه الشعيرة العظيمة، مشيراً إلى أن قيام الحاج بالتقاط الصورة تلو الأخرى بدلاً من التفرغ التام للعبادة يعد من الشغل الشاغل واللهو والعبث وهي أمور تحول بين الحاج وبين أدائه للنسك على الوجه المطلوب.