كانت كرة السلة الأردنية أمس على موعد مع التاريخ، تمثّل بإحراز منتخبها المركز الثالث في بطولة آسيا ال25 التي إختتمت في مدينة تيانجين الصينية، ما منحه البطاقة القارية الثالثة الى نهائيات كأس العالم المقررة من 28 آب (أغسطس) الى 12 أيلول (سبتمبر) 2010 في تركيا. وعلى غرار الأردن، قطفت تونس المركز الثالث في بطولة أفريقيا وحجزت مقعداً "عربياً" في تركيا. واحتفظت ايران بلقبها مسجلة فوزاً مدوياً على أصحاب الأرض "الأبطال الدائمين" بعدما صعقتهم 70 – 52، والمنتخبان كانا ضمنا بطاقتي المونديال إثر فورهما في الدور نصف النهائي. ومؤشرات التراجع الصيني ظهرت جلية باكراً في ضوء عروض المنتخب ونتائجها وانتصاراته الصعبة، ومنها تجاوزه لبنان بفارق 3 نقاط في الدور الثاني ثم 4 نقاط في "المربّع". و"أغاثته" القرارات التحكيمية فنفذ على حسابه الى النهائي. وتعرّض "التنين" لإنتقادات وسائل الإعلام الصينية منذ مستهل البطولة، ولم تكن راضية على أدائه واعتبرت إنتصارات الخجولة "بعيدة من تقاليده الآسيوية". وحرم التأهل الأردني لبنان من "الميزة التفاضلية" التي طبعت مسيرة منتخبه في السنوات الماضية حين بلغ المونديال مرتين متتاليتين (2002 و2006)، وذلك بعد فوزه عليه في مباراة تحديد المركزين الثالث والرابع 88 – 66، خاتماً مشاركته في هذه البطولة على غرار ما بدأها بانتصار على وصيف القارة، اذ جمعتهما قرعة الدور الأول ضمن المجموعة الرابعة، وإفتتحها الأردن بالفوز على لبنان 84 –67. عبر الأردن للمرة الأولى، ما اعتبر انجازاً كبيراً هو ثمرة إعداد سنتين متواصلتين تحت إشراف المدرب البرتغالي ماريو بالما، خضع خلالهما المنتخب لمعسكرات عدة فضلاً عن مشاركات في بطولات ودية ورسمية، اذ حل وصيفاً للبنان في منطقة غرب آسيا قبل أن يتوج بطلاً ل"كأس ستانكوفيتش" في الكويت، الى أن وصل أخيراً الى مبتغاه. وقال بالما عقب المباراة : "أعتقد أن الجميع إعترف بأن الأردن قدّم المستوى الأفضل، وأنه تفوق على منافسيه، علماً أن إمكاناتنا معروفة ولا تضم صفوفنا لاعبين من طراز وانغ زيزي (الصين) أو جاكسون فرومان (لبنان)، والا لكنا سنحارب على اللقب". ووصف بالما أداء لاعبيه ب"العظيم على مختلف الصعد"، معرباً عن سعادته "ليس بسبب التأهل الى كأس العالم بل لأن لغة العدل هي التي انتصرت، وما تحقق ثمرة عمل جماعي طويل". وزاد: "لن نذهب الى تركيا لمجرد المشاركة بل لنترك بصمة ونمثل السلة الأردنية الآسيوية خير تمثيل". من جهته، رأى مدرّب منتخب لبنان الصربي دراغان راتزا أن الأردن "إستحق الفوز عن جدارة لأنه لعب في شكل أفضل، وإستبسل عناصره من أجل حلم عاشوه بكل حذافيره". ميدانياً، قدّم الأردن عرضاً دفاعياً ممتازاً ونجح لاعبوه في ايقاف "مفاتيح" المنتخب اللبناني بصلابة. وقد وزع بالما المجهود على 11 لاعباً أدوا الأدوار المطلوبة منهم، في حين وقف اللبنانيون عاجزين عن مجاراة خصمهم ولم يوحوا في أي لحظة أنهم قادرون على العودة الى أجواء المباراة، باستثناء تسيّدهم النصف الثاني من الربع الأول للقاء. وبدوا متأثرين من "ظلم" الدور نصف النهائي الذي أطاح بأحلامهم أمام الصين، كما بدوا منهكين جداً فظهروا ظلاً لتلك القوة الضاربة المعهودة، بعد 15 ساعة من مباراتهم والصين، وبالتالي بذلوا قصاراهم من دون جدوى أمام الصين، ولم يتمسّكوا بأمل التأهل للمرة الثالثة الى المونديال، ففرطوا بورقة غالية. وعموماً، إنتظرت كرة السلة اللبنانية التي تعاني أنديتها من مشاكل مالية يخشى أن تؤثر كثيراً على مجريات الموسم المقبل وإستحقاقاته، التأهل الى المونديال ليكون "أوكسجين" الإنقاذ فنياً وإدارياً، ونافذة مشرّعة لضخ استثمارات جديدة في اللعبة وتأمين موارد رعاية فاعلة. والمطلوب الآن إعتبار "الإخفاق الآسيوي" كبوة عابرة، شرط تحويلها حافز تطوير وورشة تجديد للسنوات المقبلة