يعتبر برنامج «أغاني وأغاني» من أكثر البرامج جماهيرية في قناة «النيل الأزرق» السودانية. من هنا حرصت القناة على حضوره، بصفة يومية، في برمجتها الرمضانية، وذلك منذ أربع أعوام، ما شكل حالاً من الاستمرارية لم تحدث من قبل حتى في القناة الرسمية. وعلى رغم ان هذا البرنامج يماثل برامج عدة على الفضائيات السودانية الأخرى كونه يقارب ويستحضر سيّر بعض المطربين «الرواد» ويقدم نماذج من أعمالهم بأصوات شابة، إلا انه يختلف عنها بأمر واحد هو أن مقدمه: السر قدور يعتبر إعلامياً متعدد المواهب فهو شاعر ومسرحي وإذاعي.. وهو الثمانيني العجوز، بحسه الحكائي الفكه، وبذاكرته التي لا تغيب، استطاع ان يثبت ان وجهه القديم، الذي لطالما استقبحه هو ذاته، يمكن ان يصلح للشاشة كما أُستعذب صوته في الإذاعة - بل ويفوق في جماهيريته أكثر الوجوه وسامة وشباباً! والدليل على ذلك ليس فقط الأصداء الإيجابية التي طالما خلفها البرنامج في الصحف المحلية وسواها من منابر، انما أيضاً حرص القناة على إنتاجه من موازنتها مباشرة مع انها تعتمد سياسة إنتاجية ترتهن للشركات الإعلانية بالكامل؛ فهي لا تمول غالبية البرامج بل تنتظر هذه الشركات لدفع كلفتها، ثم تأخذ مقابلاً على البث! والقناة تدفع أجراً هو الأعلى في السودان للسر قدور (12 مليون جنيه سوداني) إضافة إلى نفقات ذهابه وإيابه من وإلى القاهرة - حيث يقيم - وإقامته في الخرطوم، فضلاً عن مستحقات المطربين المشاركين في الحلقات والفرقة الموسيقية! لكن القناة لا تفعل ذلك حباً في مقدم البرنامج وشعبيته أو مشاهديها أو ذكرى المطربين الكبار، الأحياء منهم والأموات، أو لأغنياتهم العذبة المُستعادة بهذه الأصوات الشابة، والتي تتحايل القناة بها على فقر مكتبتها الغنائية فتعيد بثها في مناسبات مختلفة... بل هي تفعل ذلك لأن البرنامج الذي لا يتجاوز زمنه ال 30 دقيقة، ويبث عقب الإفطار، يستقطب إعلانات توازيه في زمنها، أي ثلاثين دقيقة من البرنامج مقابل ثلاثين دقيقة من الإعلانات، بالتالي هو يغطي كلفته ويزيد بأضعاف! ومع هذا تبدو القناة التي تتقاسم ملكيتها «أي آر تي» والهيئة السودانية للتلفزيون الأكثر قسوة على مشاهديها بين سائر قنوات العالم الأخرى، حيث في مقابل كل دقيقة غناء أو حكي عن فنان معين... ثمة إعلان عن كريم تجميل أو محل للأثاثات أو فندق جديد! ترى بأي حال سيعود «أغاني وأغاني» في رمضان المقبل؟