عندما تُلقي الثقافة بظلالها على سهول عنيزة وبين تلالها المنتشرة، فإنها ولاشك قد اختارت الأمكنة المناسبة والزمان الملائم، لتفتح الثقافة صفحات جديدة لمحافظة ثقافية زاهية بكل الفنون والمعارف... وحينما نقول ذلك فإننا لم نأتِ بجديد، فمحافظة عنيزة أنجبت الشعراء، أولئك الذين صفق المجد لهم عبر منظومة الشعر والثقافة، وما تكريم الرواد الأربعة إلا نماذج حية لفحول الشعر في عنيزة، فالشاعر عبدالعزيز المسلم، رحمه الله، والشاعر سليمان الشريف، والشاعر محمد بن سليمان الشبل، والشاعر عبدالله العرفج، أمد الله في عمرهم، كانت بصمتهم الشعرية واضحة، وعطاؤهم تجاوز كل الحدود الجغرافية ليصل صوتهم إلى كل الأماكن، رافعين لواء الشعر عالياً يصدح في الآفاق وفي ميادين الشعر، في عنيزة كان ولا يزال الشاعر الكبير إبراهيم الدامغ، شفاه الله، الذي حظي بالتكريم في فترة سابقة، وهو الذي دفع بالشعر إلى عطاءات واسعة، وقدم في شعره الوطني الشيء الكثير، حتى خرج له مجموعة دواوين، وعندما نشير إلى الشاعر الدامغ فإننا نشير إلى شعراء آخرين أنجبتهم عنيزة من أمثال الدكتور عبدالله العثيمين في شعره وعطائه، وغيرهم الكثير من فحول الشعر الذين يشار إليه بالبنان. عندما نطالع ميدان الإعلام فإن عنيزة قد حازت قصب السبق، فذلكم الدكتور عبدالرحمن الشبيلي، الذي أضحى علامة بارزة في الوطن، وهو الإعلامي الأكاديمي المخضرم، والأديب الدكتور عبدالعزيز الخويطر وكثيرون كانوا ولا يزالون علامات ثقافية بارزة، يأتي منهم الدكتور إبراهيم بن عبدالرحمن التركي، وقد ظل حضورهم مميزاً وباعهم في ميدان الثقافة طويلاً، نقول ذلك وقد شهدت عنيزة مهرجان عنيزة للثقافة في نسخته الثانية ووضعت شعاره «نختلف ولا نفترق» ليكون هذا الشعار عنواناً للاتفاق على أننا لن نفترق مهما كان حجم الاختلاف، لتظل الثقافة والوعي والإدراك لمحتوى عقولنا وفكرنا المتنامي. هذه عنيزة التي أطلقت حوار الثقافة عبر فكر خلاق ووعي بأهمية الاتفاق على المبادئ السليمة التي تمنح عقولنا تمييزاً وحضوراً واعياً يجعلنا دائماً نختلف في وجهات النظر ولكننا لن نفترق. هذه عنيزة التي خرجت بعباءة الثقافة، جاءت لترفع شعارها المميز وبأسلوبها الهادئ والرزين، فشكراً لهذا الإهداء الجميل في عصر الوعي المعرفي والثقافة الرائدة. سليمان بن علي النهابي - عنيزة