دعا الرئيس المصري محمد مرسي المتظاهرين إلى «نبذ العنف والحفاظ على سلمية الثورة»، بعدما زاد عدد قتلى الاحتجاجات التي اندلعت في الذكرى الثانية للثورة إلى 9 قتلى بحسب احصائية رسمية، 8 منهم في محافظة السويس وقتيل واحد في الإسماعيلية، فيما تحدثت مصادر مستقلة عن سقوط 11 قتيلاً 10 منهم في السويس. وردت «جبهة الإنقاذ الوطني» التي تضم قوى المعارضة الرئيسة في مصر بالتهديد بمقاطعة الانتخابات البرلمانية المقبلة، ما لم يستجب الحكم إلى مطالب المعارضة، خصوصاً تعديل الدستور وتشكيل حكومة إنقاذ وطني وإقالة النائب العام وإخضاع جماعة «الإخوان المسلمين» للقانون. ودعت إلى الحشد في حال عدم الاستجابة لهذه المطالب في ميدان التحرير الجمعة المقبل لإسقاط الدستور والمطالبة بانتخابات رئاسية مبكرة. وكانت الاشتباكات بين الشرطة والمتظاهرين التي اندلعت أول من أمس تفجرت على نطاق واسع مساء خصوصاً في محافظتي الاسماعيليةوالسويس اللتين اقتحم المتظاهرون مقريها، وما إن أصيب جندي من قوات الأمن المركزي في الاشتباكات أمام محافظة السويس بشظية في رقبته نتيجة إطلاق ألعاب نارية في اتجاه الشرطة، إلا وزادت حدة المواجهات لتسقط أعداد متزايدة من المتظاهرين برصاص الشرطة التي بررت الأمر بأن جندياً «أصيب بحال هياج بعدما أصيب زميله، فأطلق رصاصات عشوائية من سلاح آلي في اتجاه المتظاهرين أسقطت عدداً من القتلى»، ما زاد غضب الأهالي الذين تجمعوا بالآلاف أمام مبنى المحافظة وتمكنوا من اقتحامها قبل أن تضطر قوات الجيش إلى النزول إلى شوارع المحافظة لضبط الأمن وتسلم مقرات الدولة لتأمينها. وتمركزت وحدات من الجيش أمام مبنى المحافظة بعد إخلائه من المتظاهرين، وكذلك أمام مجمع المحاكم ومديرية أمن السويس التي هاجمها متظاهرون أمس في محاولة لاقتحامها، لكن قوات الجيش الثالث الميداني تصدت لهم وأطلقت النار في الهواء لتفريقهم. وأكد قائد الجيش الثالث اللواء أسامة عسكر أن «جميع شركات البترول والموانئ في السويس تعمل بصورة طبيعية، والمدخل الجنوبي لقناة السويس مؤمن تماماً». وقامت قوات من الجيش بتأمين مشرحة مستشفى السويس التي احتشد أمامها ذوو القتلى. وفي الإسماعيلية، سقط قتيل واحد أمام مقر المحافظة خلال تصدي الشرطة لمحاولة المتظاهرين اقتحام مقرها، كما حاول متظاهرون اقتحام مقرات شرطية عدة في المحافظة، وألقت قوات الأمن القبض على العشرات داخل مبنى ديوان عام المحافظة عقب اقتحامه، واتهمتهم بإطلاق الرصاص الحي على رجال الشرطة. وفي الإسكندرية، أصيب أكثر من مئة متظاهر خلال محاولات الجموع الغاضبة اقتحام مقر المجلس المحلي، بعدما تصدت لهم الشرطة وواجهتهم بالقنابل المسيلة للدموع. واقتحم عدد من المتظاهرين الغاضبين أمس مجمع المحاكم في مدينة المحلة في محافظة الغربية لإطلاق 11 من ذويهم تم القبض عليهم فى أحداث أول أمس، وأمرت النيابة بحبسهم. واستمر الانفلات الأمني في القاهرة التي تحولت ليل أول من أمس إلى «عاصمة فوضوية» على خلفية قطع المتظاهرين طرقاً وجسوراً حيوية ووقفهم حركة سير مترو الأنفاق. لكن الهدوء عاد إلى العاصمة مع تراجع موجة الاحتجاجات والمواجهات بين المتظاهرين والشرطة، وإن استمرت في شكل متقطع في محيط وزارة الداخلية الذي شهد جولات من الكر والفر بين قوات الشرطة والمتظاهرين الذين التفوا خلف الأسوار الخرسانية التي نصبها الجيش لتأمين الوزارة ورشقوا جنود الأمن المركزي بالحجارة، فيما ردت الشرطة بإطلاق قنابل الغاز المسيل للدموع وقنابل الصوت. وهدأت حدة المواجهات بعدما تكفل عشرات المتظاهرين بتشكيل حاجز بشري للفصل بين الجموع المحتشدة والشرطة. وقال الناطق باسم وزارة الصحة أحمد عمر إن عدد المصابين في مواجهات أول من أمس بلغ 584 مصاباً. وأمر النائب العام طلعت عبدالله بتكليف فريق من المحامين العامين وأعضاء النيابة العامة في الإسماعيلية وبورسعيد والسويس بالتحقيق في وقائع القتل والشروع في قتل المتظاهرين في هذه المحافظات. وأعرب رئيس الوزراء هشام قنديل عن أسفه الشديد لسقوط ضحايا في ذكرى الثورة، وقدم خالص تعازيه لأسرهم، متعهداً «التحقيق ومحاسبة المتسببين فى هذه الأحداث». وأكد قنديل في بيان أن «استخدام العنف وحرق المنشآت لإحداث التغيير غير مبرر، خصوصاً مع وجود انتخابات برلمانية خلال فترة وجيزة». وناشد «جميع الأحزاب والقوى السياسية الالتزام بالسلمية وإدانة العنف والوقوف ضد أي محاولات للخروج على الشرعية». وأعرب الرئيس مرسي عن تعازيه في ضحايا أحداث العنف. وقال في تغريدات له على حسابه الشخصي على موقع التواصل الاجتماعي «تويتر» إن «الدولة ستبذل قصارى جهدها لتأمين التظاهرات السلمية وملاحقة المجرمين وتقديمهم للعدالة»، داعياً جميع المواطنين إلى «التعبير عن الرأي في شكل سلمي ونبذ العنف قولاً وفعلاً». وعقد مرسي أمس أول اجتماع لمجلس الدفاع الوطني للبحث في «أحداث العنف والقتل والخروج على القانون التي صاحبت التظاهرات وسبل التعامل معها بما يحقق إعادة الهدوء إلى الشارع في شكل عام وتقديم الجناة إلى العدالة في أقرب وقت ممكن»، بحسب وكالة أنباء الشرق الأوسط الرسمية. وحضر الاجتماع أعضاء مجلس الدفاع الوطني، وهم: رئيس الوزراء قنديل ووزير الدفاع الفريق أول عبدالفتاح السيسي ورئيس مجلس الشورى أحمد فهمي ووزراء الخارجية والمال والداخلية ورئيس الاستخبارات العامة ورئيس أركان الجيش وقادة الأفرع الرئيسة للقوات المسلحة ورئيس هيئة عمليات القوات المسلحة ومدير إدارة الاستخبارات الحربية والاستطلاع، كما شارك في الاجتماع وزيرا العدل والإعلام ورئيس جهاز الأمن الوطني. وفي أول رد فعل لها على الأحداث، قالت جماعة «الإخوان المسلمين» في بيان أمس إن «جماهير الشعب فوجئت بمن يسعى كي يحول الأمل إلى كابوس، والفرح إلى مأتم، ويثير الرعب والإرهاب في كثير من البقاع، عن طريق التحريض على التخريب واستخدام العنف والبلطجة، والاعتداء على دواوين المحافظات ومجالس المدن وأقسام الشرطة، وحرق هيئة السكك الحديد وقطع الطرق وخط المترو ومنشآت عامة وخاصة». وانتقدت «اعتداء جماعات البلطجة ومليشيات العصابات السوداء التي ظهرت أخيراً على الشرطة وعلى الأفراد والمؤسسات الحكومية والممتلكات العامة والخاصة». وكعادتها، هاجمت الجماعة «الإعلام المضلل» الذي قالت إنه «ظل يشحن الناس بالكراهية ضد النظام ويحضهم على الخروج على الشرعية، بل وينشر خطط التخريب قبل تنفيذها بأيام». واعتبرت أن «هناك من دبر لهذا الأمر وموله وكرره في عدد من المحافظات»، منتقدة «صمت الأحزاب السياسية المعارضة عن إدانة هذه الجرائم، وترحيب بعضهم بها»، معتبرة أن ذلك الأمر «شماتة في مصر». وحيت الجماعة «أفراد الشرطة الذين أدوا وبذلوا أقصى ما في وسعهم، ودافعوا عن المؤسسات والأرواح والممتلكات أمام المخربين الفوضويين». وطالبت كل أفراد الشعب ب «إدانة أولئك المفسدين وضرورة محاسبتهم وفقاً لأحكام القانون». في المقابل، حملت «جبهة الإنقاذ» المعارضة الرئيس مسؤولية قتل المتظاهرين. وقالت في بيان عقب اجتماع لها أمس إن «الجماهير تظاهرت فى مختلف ربوع وميادين الجمهورية مطالبة بدستور لكل المصريين ورفضاً لأخونة الدولة وأملاً في عدالة اجتماعية غائبة مع حكومة ضعيفة ومتخاذلة». واتهمت مرسي بأنه «يصر على أن يكون رئيساً لجماعة الإخوان المسلمين فقط وليس لكل المصريين ما تسبب فى المزيد من انهيار شرعيته». وحّملته «المسئولية الكاملة عن العنف المفرط الذى استخدمته الأجهزة الأمنية ضد المتظاهرين»، مطالبة بتشكيل «لجنة تحقيق محايدة عاجلة لمحاسبة كل المتورطين فى إراقة دماء المصريين». وطالبت المصريين ب «التزام السلمية فى تظاهراتهم واحتجاجاتهم المشروعة». ودانت أعمال العنف، كما طلبت «تشكيل لجنة قانونية محايدة لتعديل الدستور المشوه فوراً، والاتفاق على المواد التى يجب تغييرها في شكل عاجل، وتشكيل حكومة إنقاذ وطني تتمتع بالكفاءة والصدقية، وإزالة آثار الإعلان الدستوري الاستبدادي الباطل في ما يتصل بالعدوان على السلطة القضائية وانتهاك استقلالها، وإقالة النائب العام الحالي، وإخضاع جماعة الإخوان المسلمين للقانون بعد أن أصبحت طرفاً أصيلاً فى إدارة أمور البلاد بغير سند من القانون أو الشرعية». وحذرت من أنه «في حال عدم الاستجابة لهذه المطالب المشروعة خلال أيام، فإن الجبهة ستدعو الجماهير إلى الاحتشاد والتظاهر السلمي يوم الجمعة المقبل لإسقاط الدستور الباطل، والعمل موقتاً بدستور 1971 المعدل، والشروع فوراً في تنظيم انتخابات رئاسية مبكرة». وأضافت أن «الجبهة قررت عدم خوض الانتخابات البرلمانية المقبلة إلا فى إطار هذا الحل الوطني الشامل».