ترغب أفريقيا في الاضطلاع بدور محوري على الساحة الاقتصادية العالمية، إذ شدد القادة الأفارقة المشاركون في المنتدى الاقتصادي العالمي ال 43 في دافوس، على «ألاّ تُعتبر القارة الفقيرة المعتمدة دائماً على المساعدات الخارجية». وأكد خبير في المنتدى الاقتصادي العالمي، أن أفريقيا «باتت اليوم المنطقة الوحيدة في العالم القادرة على تسجيل نمو كبير وليس دول بريكس (البرازيل وروسيا والهند والصين وجنوب أفريقيا)»، موضحاً أن «هذا الأمر بات من الماضي». وتوقع البنك الأفريقي للتنمية، أن «يُحدد النمو في أفريقيا جنوب الصحراء ب 5.25 في المئة هذه السنة، أي بنقطتين إضافيتين مقارنة بتقديرات صندوق النقد الدولي للعالم. واعتبر رجل الأعمال الهندي رئيس مجلس إدارة مؤسسات بهارتي الناشطة في أفريقيا سونيل بهارتي ميتال، أن «المعقل الأخير للنمو القوي هو القارة الأفريقية». ومنذ إنشاء المنتدى عام 1971، لم تكن أفريقيا ممثلة جيداً في دافوس كما هي اليوم، في حضور تسعة رؤساء دولة أو حكومات ترافقهم وفود كبيرة تضم وزراء ورجال أعمال ومصرفيين. وحضر في دافوس رئيسا جنوب أفريقيا جاكوب زوما ونيجيريا غودلاك جوناثان ونظيرهما الرواندي بول كاغامي. ورأى زوما، أن الاستثمار في أفريقيا «لم يعد أكثر خطورة من الاستثمار في أي مكان آخر في العالم، وهي نقطة يدعمها رئيس نيجيريا». إذ لفت إلى وجود «أخطار في كل أنحاء العالم عند الاستثمار، واليوم لدى معظم الدول الأفريقية نظام سياسي مستقر». وأعلن جوناثان، إطلاق برنامج «طموح» في نيجيريا الأكثر اكتظاظاً في أفريقيا مع 165 مليون نسمة، يهدف إلى «تطوير الاستثمارات في القطاع الزراعي الذي سيصبح مصدراً جديداً للإيرادات إلى جانب النفط». وكانت نيجيريا أكدت استثمار 8 بلايين دولار في قطاعها الزراعي، وتلقت أكثر من بليون دولار من المنظمات الدولية أو مساعدة للتعاون، مثل البنك الدولي او الوكالة الأميركية للمساعدة التنموية. وقال وزير الزراعة النيجيري اكينومي اديسينا، الذي قدم برنامج التحديث في دافوس،: «لا يوجد أي سبب كي يكون في البرازيل قطاع زراعي حديث وليس في نيجيريا». وأعلن «الاتجاه إلى وضع نظام بيئي يسيطر على كل الشبكة الزراعية من البداية وحتى النهاية». وأدخلت نيجيريا العام الماضي للمزارعين، نظاماً يقوم على «الشبكة الالكترونية» عبر الخليوي. وأوضح الوزير النيجيري، أن «هذا النظام الذي يبلغ المزارع عبر الرسائل النصية القصيرة بتسليم الأسمدة سمح بالحد من الفساد». كما تسعى نيجيريا إلى الاستفادة أكثر من مادة الكسافا، التي تُعدّ المنتج الأول لها عالمياً. ولفت أديسينا، إلى «بدء إنتاج الخبز المصنوع من دقيق الكسافا في السوق المحلية، كما بدأنا تصدير هذه المادة». تكاليف الطاقة وكان لقطاع الطاقة حصة في مناقشات منتدى دافوس، إذ توقع مسؤولون في شركات نفطية، ازدياد التكاليف الأمنية إلى مستويات مرتفعة جداً، على رغم اعتياد قطاع الطاقة على العمل في أماكن خطرة، لأن هذه الشركات تعزّز دفاعاتها ضد هجمات المسلحين والهجمات الإلكترونية. ولم يستبعد المسؤولون المشاركون في أوسع اجتماع سنوي لشركات الطاقة، «تباطؤ الاستثمار في بعض المشاريع الجديدة خصوصاً في شمال أفريقيا، بعد هجوم على منشأة غاز جزائرية الأسبوع الماضي وهجوم إلكتروني على صناعة النفط السعودية عام 2012». وأوضح رئيس العمليات الخارجية في «لوك أويل» الروسية أندره كوزاييف، أن «صناعتنا ترتبط تقليدياً بالأخطار السياسية، لكن أحداث الأسبوع الماضي ستؤدي إلى مراجعة كبيرة للإنفاق الأمني». وأشار في الاجتماع الذي عقد على هامش المنتدى، إلى أن ذلك «يعني زيادة كبيرة في التكاليف». واعتبر أن «تكاليف الأمن تشكل عادة بين واحد في المئة وثلاثة من التكاليف الإجمالية للمشروع». وأقرّ رئيس مجلس إدارة «بي بي» كارل هنريك سفانبرج، ب «وجود خطر في منطقة الصحراء الكبرى»، لكن لفت إلى أن الجزائر «ردت بقوة حين أرسلت قوات خاصة لإنهاء حصار المنشأة». وقال: «في ظل وجود أسلحة كثيرة في المنطقة وكل أنواع المقاتلين سيكون الأمر صعباً، كما لا يمكن التكهن بما إذا كانت ستصبح أفغانستان جديدة، لكن ذلك لن يحدث في الجزائر بالتأكيد لأن ردها كان واضحاً جداً». وأعلن الرئيس التنفيذي لشركة «توتال الفرنسية كريستوف دو مارجوري في تصريح إلى «رويترز»، أن «في حال لم توفّر الحماية لأنظمة الكمبيوتر لن تستطيع فعل شيء، وكذلك الحال بالنسبة إلى الحماية لآبار النفط». وأكد ضرورة «بذل جهدنا حتى لا يهاجموا عالمنا». واستبعد الرئيس التنفيذي لشركة «نفط الهلال» الإماراتية مجيد جعفر، أن «يشهد شمال أفريقيا انخفاضاً مفاجئاً في إنتاج الطاقة، لكن سيسجل تباطؤاً في الاستثمار والمشاريع». وأوضح أن «الشركات الكبرى تولي اهتماماً خاصاً للأخطار الأمنية». ورأى كبير الاقتصاديين في وكالة الطاقة الدولية فاتح بيرول، أن حكومات المنطقة «ستضطر إلى بذل جهد أكبر لجذب الاستثمارات إلى قطاع الطاقة».