دعا وزير بحكومة أفريقيا الوسطى الجنود الفرنسيين المرابطين هناك امس الأربعاء إلى التدخل مع اقتراب المتمردين من العاصمة بعدما تفادوا آخر بلدة رئيسية إلى الشمال منها. وجاء طلب المساعدة في الوقت الذي تظاهر فيه مئات الأشخاص أمام السفارة الفرنسية في العاصمة بانجي ورشقوا المبنى بالحجارة وأنزلوا العلم الفرنسي غضبا من تقدم المتمردين في شمال البلاد. ولم ترد باريس على الفور على طلب المساعدة لكنها أعلنت أنه سيتم نشر قوات فرنسية لتأمين السفارة. وقال مسؤول في الأممالمتحدة إنه سيتم إجلاء كل الموظفين غير الأساسيين بسبب تدهور الوضع الأمني. واصدر مارتن نسيركي المتحدث باسم الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون بيانا قال فيه إنه "يدين بشدة الهجمات المسلحة التي ارتكبها تحالف جماعات المتمردين (سيليكا) على عدة بلدات في جمهورية أفريقيا الوسطى". واضاف "تقوض هذه التطورات بشكل خطير اتفاقات السلام القائمة وجهود المجتمع الدولي لتعزيز السلام في جمهورية افريقيا الوسطى". وأكد نسيركي أنه تم مؤقتا نقل جميع موظفي الأممالمتحدة "غير الأساسيين" وأسرهم. وقال إن مارغريت فوجت الممثلة الخاصة للأمين العام للأمم المتحدة "تواصل البحث مع الحكومة وقادة المتمردين بهدف التوصل إلى هدنة وبدء حوار". وابلغ مسؤولون تابعون للأمم المتحدة وكالة "رويترز" إن حوالى خمسين من موظفي الأممالمتحدة الأساسيين بقوا في جمهورية أفريقيا الوسطى بينما تم نقل الباقين إلى السنغال. واستولى المتمردون في الأسابيع الماضية على بلدات عدة الأمر الذي يظهر هشاشة الوضع في البلاد التي تمتلك احتياطيات كبيرة من اليورانيوم والذهب والألماس والتي لم تعرف الاستقرار تقريبا منذ استقلالها عن فرنسا عام 1960. وقال مصدر عسكري وعامل في منظمة إغاثة إن المتمردين وصلوا إلى بلدة دامارا التي تبعد 75 كيلومترا عن بانجي قبيل مساء الاربعاء بعدما تفادوا المرور ببلدة سيبوت حيث نشر 150 جنديا تشاديا في وقت سابق لوقف تقدم تحالف المتمردين جنوبا. وقال مسؤول حكومي لرويترز طالبا عدم الكشف عن اسمه "هذا صحيح .. إنهم على أبواب بانجي". وتنتشر قوات من بلدان عدة في افريقيا الوسطى في مهمة لإرساء الاستقرار وأرسلت تشاد قوات إضافية في وقت سابق هذا الشهر لمحاولة وقف تقدم المتمردين. ولم يتضح ما إذا كان المتمردون قد واجهوا مقاومة في سيبوت. وقال الكولونيل دجوما ماركويو المتحدث باسم تحالف المتمرد (سيليكا) الذي يقول إنه يقاتل من أجل التطبيق التام لاتفاق سلام لإنهاء تمرد سابق إن المقاتلين لن يدخلوا العاصمة حاليا. وأضاف "ندعو الجيش لالقاء السلاح لأن (الرئيس فرانسوا) بوزيزي فقد الشرعية تماما ولا يسيطر على البلد". ونقلت محطة "آر.إف.آي" الاذاعية الفرنسية عن جوسو بينوا وزير الإدارة الاقليمية في حكومة افريقيا الوسطى دعوته إلى تدخل فرنسي. ونقل الموقع الإلكتروني للمحطة عن الوزير قوله ردا على سؤال بشأن ما تتوقعه بانجي من القوات الفرنسية المرابطة هناك "ننتظر من فرنسا أن تأتي لمساعدتنا." ويعمل ضباط في الجيش الفرنسي كمستشارين لجيش افريقيا الوسطى وساعدت باريس في الماضي في دعم حكومات أو الإطاحة بها. غير أن فرنسا تحجم بشكل متزايد عن التدخل المباشر في صراعات في مستعمراتها السابقة. وقال مراسل لرويترز في موقع مظاهرات يوم الاربعاء إن بعض المحتجين اتهموا فرنسا بدعم المتمردين بينما طالب آخرون القوات الفرنسية في البلاد بمساعدة الجيش في وقف تقدم المتمردين. وقال المراسل إن حشدا أصغر من المحتجين اغلبهم شبان مرتبطون بالحزب الحاكم تجمعوا أمام السفارة الأميركية وتعرضت بعض السيارات التي تقل ركابا من ذوي البشرة البيضاء للرشق بالحجارة. وقالت وزارة الدفاع الفرنسية إن بعضا من جنودها المشاركين في مهمة حفظ السلام في افريقيا الوسطى البالغ عددهم إجمالا 250 جنديا أرسلوا لتأمين السفارة وحماية المواطنين الفرنسيين. ورفض فنسان فلوريني نائب المتحدث باسم وزارة الخارجية الفرنسية التعليق بشأن طلب حكومة افريقيا الوسطى المساعدة لكنه قال إنه ينبغي حل المشكلة عن طريق الحوار. وسيطر المتمردون الثلاثاء الماضي على بلدة كاجا باندورو في وسط البلاد على رغم وجود قوات هناك من دول مجاورة أرسلت لمساندة الجيش النظامي الضعيف. وتولى بوزيزي السلطة في عام 2003 بعد حرب قصيرة واعتمد في شكل متكرر على التدخل الخارجي في التصدي لحالات التمرد وامتداد العنف الى البلاد من الصراعات في تشاد والسودان. وقال عامل مساعدات ل"رويترز" لقد "كان يوما متوترا للغاية في المدينة... ليس واضحا ما إذا كان (المتمردون) سيتمكنون من التقدم والسيطرة عليها. أظن أننا سنعرف في وقت لاحق".