كثرت هذه الأيام جرائم قتل النساء في مجتمعاتنا العربية باسم جرائم الشرف، كما يطلق عليها في الإعلام العربي وفي المجتمعات العربية، وهذه أول مغالطة في التعاطي مع هذه القضية الحساسة، فهي حقيقة ليست بجريمة شرف، لأن الشرف يجب ان يطبق على الرجال والنساء في محيط علاقاتهم الثنائية الخاصة، ولا يمكن ان يطبق على النساء فقط، إن مثل هذه التعريفات هي مضللة وغير دقيقة، فالقول بشرف العائلة والقبيلة والمجتمع وربطه بسلوك معين للمرأة هو نتاج ثقافة وعادات وتطرف ديني، وحتى إن كان هناك سلوك معين من المرأة، فأولاً لا يمكن ان تعطي الحق للرجل سواء كان زوجاً أو أخاً أو أباً أن يأخذ القانون بيده، فهذه مسؤولية المؤسسات الرسمية، هي من تطبق القانون ويتحتم عليها القصاص ممن يرتكبون جرائم القتل ضد النساء، ان التشهير بهؤلاء وإعلان سبب قتلهم عند تنفيذ العقوبات هو شرط أساسي من السلطات لإيصال رسالة للمجتمع بأن من يقتل قريبته بدواعٍ أخلاقية مصير هذا، إما التكتم وعدم معرفة ماذا يحدث لهؤلاء فإنه إجراء من الدولة لا يمكن القبول به لأنها هي من يحمي المواطنين بجميع فئاتهم، بغض النظر عن جنسهم أو اذنيتهم او لونهم والفشل في القيام بهذا الإجراء يدخل المجتمع في فوضى، خصوصاً إذا كان هذا المجتمع او ذاك يفتقد إلى مؤسسات المجتمع المدني الحقيقية المستقلة عن النظام الرسمي، كما في العالم الغربي مثل منظمات حقوق الإنسان التي تقوم بالدفاع عمن يتعرضون للإيذاء في تلك المجتمعات، وفي هذا السياق نجد في الدول الغربية المنظمات المدافعة عن حقوق المرأة بشكل عام، وعندما تتعرض للإيذاء والظلم بجميع أشكاله تقف تلك المؤسسات الأهلية في الدفاع عن النساء حتى لو كان من ظلم المرأة أجهزة حكومية. في مجتمعنا شهدت الفترة الأخيرة اهتماماً ملحوظاً من القيادة السياسية بأوضاع المرأة على جميع المستويات ضمن البرنامج الإصلاحي الذي يقوده الملك عبدالله بن عبدالعزيز، ولكن في الوقت نفسه يزداد القهر والظلم تجاه المرأة من بعض الأجهزة الحكومية التي تلاحق النساء في الفضاء العام والخاص، وكأن مشاكلنا وعلاجها هي بسبب المرأة وظهورها من بيتها، علينا ان نكرس حق المرأة في الحياة بشكل يضمن لها الكرامة والعدالة، فلقد تغيرت أنماط الحياة ومتطلباتها، سواء للمرأة أو الرجل، فالكل عليه ان يعمل ويوفر قوت يومه، وعلى ذلك يجب ان تكون فرص العمل متاحة للجميع بدون تمييز، أما إذا تعلمت المرأة وحصلت على الشهادة التي تؤهلها للعمل في أي مجال وحين إذن نحجر عليها حق العمل والاعتماد على ذاتها، فإننا كمجتمع وبجميع مؤسساته نشارك بأن تكون هذه الإنسانة ضعيفة بأشكال متعددة، فقد تكون عرضة للأمراض بجميع أشكالها، إضافة إلى أنها ستكون فقيرة اقتصادياً وإنسانياً وغير منتجة وتكون عالة على المؤسسات الاجتماعية، بالإضافة إلى ان مثل هذا الوضع المأسوي للبعض من النساء وبسبب الحاجة والظلم الاجتماعي قد يدفع البعض لبعض السلوكيات الخاطئة، ومن ثم تأتي المؤسسات الاجتماعية من عشيرة وقبيلة وعائلة، وحتى من مؤسسات دينية، تحاكم تلك النساء من دون وجه حق، بل أن تتجاهل تلك الظروف التي أنتجت مثل هذه السلوكيات، إننا نظلم أنفسنا كمجتمع في التخلص المادي من امرأة أو طفل بسبب سلوكيات قد نعتقد أن بعض النساء خرجن على بعض الأنماط الاجتماعية التقليدية، علينا ان ننظر إلى التغيرات الاجتماعية التي حدثت في مجتمعاتنا في السنوات الأخيرة التي أفرزت أشكالاً وأنماطاً اجتماعية جديدة، فلا يمكن ان تتغير حياتنا وتظل سلوكياتنا بالنمط القديم. [email protected]