أوضحت دراسات بحثية مصرية – ألمانية أجريت تحت عنوان «تفاعل الجينات والبيئة في مرض باركنسون» Environment–Gene–Interaction in Parkinson's Disease أن إمكان الإصابة بمرض «باركنسون» Parkinson Disease («الشلل الرعاش»)، في المناطق الريفية في مصر أعلى من نظيراتها الأوروبية. وبيّنت أن العمل جارٍ على التعرّف إلى المسببات البيئية والجينية لذلك المرض الذي تتضاعف معدّلات الإصابة به عالميّاً، خصوصاً مع الارتفاع المستمر في متوسط عمر الأفراد. في ذلك الصدد، أوضح البروفسور غونتر هوغلينغر، وهو المنسّق الألماني للمشروع البحثي، أن هناك انطباعاً عاماً عن انتشار قوي لعوامل تساهم في التسبّب بمرض «باركنسون» في مصر. ويعرف عن هوغلينغر أنه يعمل طبيباً مشرفاً في مستشفى الأعصاب التابع ل «جامعة ميونيخ التقنية»، ويكرّس جهوده منذ فترة طويلة للبحث عن مسبّبات ذلك المرض العصبي. وذكّر هوغلينغر بأن العناصر الجينيّة المؤهلّة للإصابة بمرض «باركنسون» تتفاعل مع عناصر بيئية كالمبيدات الحشريّة، ما يساعد على إطلاق آلية التسبّب بذلك المرض. واستطراداً، يبدو أن العنصرين (التأهيل الجيني والمبيدات الحشرية) متوافران في مصر، خصوصاً مع كثافة استخدام المبيدات الحشرية في الريف المصري. شبكة للبحوث المشتركة في المقابل، ما زالت مسألة العلاقة بين العنصرين و «باركنسون» غير واضحة في جوانب علميّة كثيرة. إذ أوضح هوغلينغر أن الدراسات المصريّة - الألمانيّة تتناول مجموعة كبيرة من المرضى، بمعنى أنها تبحث مدى توافر عاملي الوراثة والبيئة فيها. وأعرب هوغلينغر عن أمله في التوصّل إلى رؤية جديدة حول أسباب ظهور المرض، خصوصاً أنه يظهر عند بعض من تجتمع لديهم عناصر البيئة والوراثة، لكنه لا يحدث عن آخرين على رغم توافر تلك العناصر فيها. ويعمل الفريق العلمي المصري - الألماني المشترك منذ العام 2013. ويتولّى مسؤولية تنسيق جهود الجانب المصري في المشروع البحثي الدكتور الشاب محمد سلامة، من جامعة المنصورة، وهو أيضاً خريج «الهيئة الألمانية للتبادل العلمي». بدأ التعاون البحثي بين جامعتي المنصورة و «ميونيخ التقنيّة»، منذ عام. وسرعان ما بات يشمل ستة عشر مستشفى جامعيّة في مصر، وهي مستشفيات منخرطة في «الشبكة المصرية لأمراض التلف العصبي»Egyptian Network for Neurodegenerative Diseases. ويشير البروفسور الألماني هوغلينغر إلى توافر شبكة بحثية شاملة تقريباً لكل الأقسام الطبية المتخصصة في أمراض الأعصاب في مصر. ويرى هوغلينغر أن الشبكة تستطيع خدمة عدد كبير من المرضى في جميع أنحاء مصر. يسير العمل المشترك بين جامعة ميونخ الألمانية والجامعات المصرية في مسار يضمن تكامل جهود الطرفين. إذ تبدأ عملية تشخيص المرض في أقسام أمراض الأعصاب في المستشفيات المصريّة، ثم يتلقى المرضى أسئلة إستبيانية أعدّها متخصصون في السموم من جامعة المنصورة بالتعاون مع الدكتور توماس روسلر، وهو باحث في «المركز الألماني لأمراض الأعصاب». وجرى أقلمة تلك الأسئلة بطريقة تجعلها تتناسب مع طبيعة مرض «باركنسون» في مصر. ويسعى الباحثون المصريون مع روسلر إلى كشف وتيرة تعرض المُصابين ب «باركنسون» للمبيدات الحشريّة التي تعتبر أحد عوامل التسبّب بالمرض. يذكر أن علماء «الشبكة المصرية لأمراض التلف العصبي» يلتقون بصورة منتظمة للتدريب على أساليب العلاج ووضع إجراءات موحدة في التعامل مع المرض. في ذلك السياق، سافر المُنسّق المصري سلامة، إلى ألمانيا قبل بضعة أسابيع، للاطلاع على نتائج دراسات متقدّمة عن العناصر الجينيّة في مرض «باركنسون»، بهدف مقارنتها مع بيانات مناظِرَة لها في مصر. ويعتزم سلامة عرض المشروع البحثي المشترك أمام مؤتمر «الجمعية الألمانية لطب الأعصاب». وأوضح سلامة أن مشاريع التعاون تؤدي دوراً مهماً في تطوير أداء العلماء، كما تمثّل خطوة مهمّة في تطوير بحوث طب الأعصاب في مصر.