تطورت «الحرب القضائية» بين لبنان وسورية أمس، على خلفية ملاحقة القضاء اللبناني للوزير السابق الموقوف ميشال سماحة لنقله متفجرات في سيارته لتفجيرها في لبنان من مقر رئيس مكتب الأمن الوطني السوري اللواء علي مملوك ومدير مكتبه العميد عدنان، فقرر قاضي التحقيق العسكري الأول في بيروت رياض أبو غيدا استدعاء الأخيرين الى جلسة استجواب في 14 كانون الثاني (يناير) المقبل بصفتهما مدعى عليهما من النيابة العامة، طالباً تبليغهما بواسطة وزارتي العدل والخارجية، ومشيراً الى أن إجراءات قانونية ستتخذ في حقهما (مذكرتا توقيف). واستبق المحامي العام الأول في دمشق محمد مروان اللوجي هذا الإجراء باعلان إصدار 3 مذكرات توقيف في حق رئيس الحكومة السابق زعيم «تيار المستقبل» سعد الحريري والنائب عقاب صقر و «المواطن السوري» لؤي المقداد. وفيما يعتبر استدعاء مملوك وعدنان سابقة في تاريخ العلاقة بين لبنان وسورية، غير المتكافئة لمصلحة الثانية (مع التريث بدعوة مستشارة الرئيس السوري بثينة شعبان بصفة شاهدة)، علّق الحريري على مذكرة التوقيف في حقه وحق النائب صقر بالقول إن بشار الأسد «وحش كامل المواصفات فقد صلاحيته الأخلاقية والإنسانية والسياسية ومطلوب الى عدالة الشعب السوري التي سيمثل أمامها وأمام العدالة اللبنانية». وأكد أن مذكرات التوقيف مردودة. أما صقر فقال إن استنادها الى «التسجيلات المثبت تزويرها دليل قاطع بأن العملية كانت مفبركة على أيدي المخابرات نفسها التي اعتادت رسم مخططات الاغتيال»، متهما الأسد و «زمرته» بهذه التسجيلات المزورة. وفيما أحجمت السلطات اللبنانية عن تبليغ مذكرات التوقيف الى الحريري وصقر، قال المحامي العام الأول السوري اللوجي إنها أرسلت للأنتربول الدولي «والجرائم المرتكبة من المذكورين إرهابية. والمتورطون فيها إرهابيون يطاولهم قانون الإرهاب الدولي ويتوجب على أي دولة يتواجد فيها هؤلاء المطلوبون تسليمهم للسلطات السورية، وأي تقاعس يعد خرقاً للقانون الدولي»، مشيراً الى دعوى في حقهما والمقداد، أمام قاضي التحقيق «لاتخاذ الإجراءات اللازمة ومباشرة جمع الأدلة». ورأى القاضي اللوجي أنه «كان من واجب السلطات اللبنانية فور سماع التسجيلات رفع الحصانة عن النائبين المتورطين وتحويلهما الى القضاء اللبناني أو تسليمهما للقضاء السوري بموجب الاتفاقات بين البلدين». في موازاة هذه الحرب القضائية بين البلدين، والتي أثارت ردود فعل مستنكرة من الجانب اللبناني، استمرت قضية التهديدات بالقتل لرموز من «قوى 14 آذار» ونواب قياديين في «تيار المستقبل» بالتفاعل أمس أيضاً، بعد الأخذ والرد عما إذا كان رئيس الحكومة نجيب ميقاتي تبلغ المعلومات في شأنها من وزير الداخلية مروان شربل، والتي أثارها أحد نواب «المستقبل» منتقداً عدم التحرك لحماية هؤلاء، فترأس ميقاتي اجتماعاً أمنياً موسعاً في هذا الشأن عصر أمس في السراي الحكومية. وصادفت أمس الذكرى السابعة لاغتيال النائب والصحافي جبران تويني الذي جرى إحياؤها في قداس للمناسبة. وسأل في عظته مطران الروم الأرثوذكس في بيروت إلياس عودة: «هل افتدت دماء جبران ورفاقه هذا الوطن؟». وقال: «لم نتقدم خطوة الى الأمام كي لا أقول تراجعنا». وأشار الى «تفجير الأشرفية الذي أودى بحياة الشهيد اللواء وسام الحسن ومرافقه وسيدة». وعلمت «الحياة» أن التهديدات باغتيال شخصيات سياسية طرحت في جلسة مجلس الوزراء التي عُقدت أمس برئاسة ميقاتي، إذ سأل وزير المهجرين علاء ترو عن صحة ما تناقلته وسائل الإعلام عن وجود لائحة جديدة للاغتيالات تستهدف نواباً وشخصيات سياسية من قوى 14 آذار. وقال: «نريد أن نعرف الحقيقة، خصوصاً أن رئيس الحكومة نفى أن يكون تسلم لائحة بأسماء هؤلاء في مقابل تأكيد عدد من النواب أن هذه اللائحة سلّمت الى رئاسة مجلس الوزراء، إضافة الى أن كلاماً نسب الى وزير الداخلية والبلديات مروان شربل، قال فيه إن هناك لائحة تضم 4 أسماء وأن المستهدف الأول من بين هؤلاء نائب عكار خالد الضاهر. ونحن نريد أن نعرف مدى دقة ما يتردد عن عودة مسلسل الاغتيالات». ورد ميقاتي بأنه سيناقش هذا الموضوع في اجتماع أمني (عقد لاحقاً) فيما نفى الوزير شربل أن يكون أعلن عن لائحة. وقال إنه لا يعرف كيف نُسب إليه هذا الكلام. وفيما قال رئيس حزب «القوات اللبنانية» سمير جعجع إن «طريقة الفريق الآخر في العمل السياسي هي اعتماد لغة الاغتيال ومن هذا المنطلق رفضنا الذهاب الى حوار، فمن يريد ممارسة السياسة لا يقتل الآخرين»، لفت أمس بيان مجلس المطارنة الموارنة الشهري وتناولوا فيه «هاجس التهديد بالاغتيالات واتساع انتشار السلاح وظاهرة المربعات الأمنية». وذكّر هؤلاء السلطة السياسية بأن «الأمن بالتراضي والتفاوض يضرب هيبة الدولة». ودعا المطارنة الى فصل الأزمة السياسية عن سير المؤسسات الدستورية.