أكدت السلطات الباكستانية أمس، مقتل زعيم «طالبان – باكستان» بيت الله محسود في قصف صاروخي نفذته طائرة استطلاع أميركية تعمل من دون طيار، واستهدف منزل ملك إكرام الدين خان، والد زوجته الثانية، في قرية زنغرة في اقليمجنوب وزيرستان (شمال غرب) ليل الأربعاء الماضي، ما أدى ايضاً الى مقتل زوجته وشقيقه وسبعة من حراسه. وأبلغت مصادر قبلية «الحياة» ان مراسم دفن محسود جرت ليلاً في مقبرة هرداش القريبة من زنغرة، وذلك وسط حراسة مشددة من مسلحي القبائل في محاولة لإخفاء معالم القبر الذي دفنت فيه جثة محسود. وتحول محسود الى العدو الأول للسلطات الباكستانية في السنوات الأخيرة، بعدما اتهم رجاله الذي يقدر عددهم بنحو 20 الفاً بسلسلة اعتداءات حصدت منذ منتصف العام 2007 نحو الفي قتيل، ابرزهم رئيسة الوزراء السابقة بينظير بوتو التي اغتيلت في تفجير في مدينة روالبندي في كانون الأول (ديسمبر) 2007، علماً ان زعيم «طالبان - باكستان» لم يعترف ابداً بتورطه في اغتيال بوتو. وتوجه قادة الجماعات المسلحة في وزيرستان، وبينهم حافظ غل بهادر والملا نظير وزيري ومفتي ولي الرحمن وقاري حسين وحكيم الله محسود وقاري نور سيد، إلى بلدة زنغرة ومدينة وانا لاداء واجب العزاء واختيار خليفة لمحسود. ومن الأسماء المرشحة للخلافة مفتي ولي الرحمن المقرب من محسود والذي عمل مسؤولاً مالياً لحركة «طالبان - باكستان»، وقاري حسين الذي يعتبر العقل المدبر للتفجيرات الانتحارية التي استهدفت أنحاء باكستان بعد اقتحام الجيش «المسجد الاحمر» في إسلام آباد في تموز (يوليو) 2007. ويملك قاري حسين سطوة في منطقة القبائل لكنه لا يحظى بشعبية واسعة لدى المقاتلين أو السكان، نظراً الى أسلوبه الفظ في معاقبة مخالفيه وعدم تردده في قتل أي منهم حتى لو كان بسبب خطأ أو تقصير. وينافس ولي الرحمن وقاري حسين على قيادة الحركة الملا حكيم الله محسود، مسؤول معسكرات التدريب الخاصة بالحركة في بلدة أوركزي والذي ينتمي الى قبيلة زعيم «طالبان - باكستان»، لكن صلات القرابة العائلية بعيدة بينهما، وكذلك قاري نور سيد، أحد القادة الميدانيين الذين عملوا تحت إشراف محسود واعتبر من المقربين منه، لكنه لم يظهر إعلامياً مثل السابقين. وسيوحي اختيار زعيم جديد ل «طالبان - باكستان» من قبيلة محسود بمحاولة استثناء قبائل وزيري وغيرها من الخلافة، على رغم انها تتفوق عدداً على قبائل محسود وتسيطر على الشريط الحدودي بين باكستانوأفغانستان، في وقت تتمركز قبيلة محسود في الجزء الداخلي من جنوب وزيرستان، ما يقلل دورها في دعم مقاتلي «طالبان» في أفغانستان وتنظيم «القاعدة» لدى عبورهم الحدود. كما يمكن ان يؤجج اختيار زعيم جديد من قبائل محسود، خلافات قديمة بين قبائل وزيري التي يتحدر منها الملا نظير والملا حافظ غل بهادر، علماً ان قبائل محسود واجهت انتقادات واسعة بسبب العمليات الانتحارية التي تبناها بيت الله وأنصاره. ورأى رحيم الله يوسفزاي، الخبير في شؤون مناطق القبائل، ان مقتل محسود يوجه «ضربة قوية» ل «طالبان - باكستان» ستؤدي الى ازمة زعامة خطرة في الحركة، «لأنه لا يوجد زعيم آخر من وزنه». ومنذ توليه زعامة «طالبان - باكستان» خلفاً لعبد الله محسود الذي اغتيل في تموز (يوليو) 2007، نجح بيت الله محسود، وهو نجل داعية متحدر من اقليم بانو المجاور لجنوب وزيرستان، في تنظيم فصائل الحركة ال13 في منطقة القبائل، وحافظ على وحدتها دافعاً عملها الى الأمام استناداً الى تفكير استراتيجي شمل توقيع اتفاقات سلام مع الحكومة وفتح معسكرات تدريب للمتطوعين في آن، وتوسيع نفوذه الى اقليمين قبليين آخرين، هما شمال وزيرستان وباجور والى مدن مجاورة، في وقت عززت فصائل أخرى في «طالبان - باكستان» نفوذها نحو وسط أفغانستان وإقليم وادي سوات. وفيما يأمل الجيش الباكستاني بوضع حد لهيمنة قبائل محسود على «طالبان - باكستان»، ما يتيح عقد عدد من الصفقات واتفاقات السلام مع قادة قبليين في مناطق مختلفة، شكك ديبلوماسيون في إسلام آباد في ان تساعد وفاة محسود القوات الغربية التي تقاتل تمرد «طالبان» في افغانستان، «باعتبار أن تركيز محسود انصب على مهاجمة قوات الأمن الباكستانية».