ارتوى وجدان الموسيقي المصري الشاب حازم شاهين، من فيض الشعر الثوري لفؤاد حداد، وتوهجت موسيقاه على نار حروف صلاح جاهين، وبهما ارتبط شاهين فنياً وعائلياً. تتدفق ضربات ريشته على العود كبحر لا تأمن الخوض فيه، وهو من استلهم أطياف نغماته من سيد درويش كما تأثر بالكلاسيكية الصوفية للمؤلف وعازف الكمان عبده داغر الذي يراه أكاديمية موسيقية في حد ذاته، وفي تونس استفاد شاهين من المؤلف وعازف العود أنور أبراهام واكتشف مناطق جديدة في الموسيقى العربية. والمستمع الى موسيقى شاهين يلحظ عبقرية وجنوناً في آن، كونه يختزن في ذاكرته ووجدانه عازفين كبار في قامة جورج ميشيل ومنير بشير ونصير شمة، مع اطلالة من البعيد لرصانة عود الموسيقي محمد القصبجي. تفجرّت موهبة شاهين مع الاسطوانة الاولى التي حملت توقيعه «حاجات وحشاني» إذ تطرق الى قوالب موسيقية صارت شبه مهجورة مثل «اللونغا» و «التحميلة». أظهر هذا العمل قدراته، سواء على المستوى النظري أو على صعيد القوى التعبيرية الخاصة والحميمية لوقع العود لدى المستمع العربي والشرقي عموماً، فهو الآلة التي تحمل الهوية الشرقية في ثقافتنا المعاصرة، وبذلك يضع شاهين، الموسيقيين في مصر والشرق، أمام سؤال ملح ومحرج عن أسباب تجاهل العود في الموسيقى والألحان وفي تشكيل معظم الفرق الموسقية. كما عمل شاهين ايضاً في «حاجات وحشاني» على تجلي روح العزف على الطريقة المصرية، فحرص على قوة الحروف واكتمالها وسيطرة المزاج المصري على التقاسيم التي أفرد لها مقطوعة كاملة. يعرف أصدقاء شاهين أنه يعمل على الموسيقى والألحان، حسب حالته المزاجية وتحت إلحاج الفكرة، ويرى أن الفكرة الموسيقية تستولى عليه تماماً حتى يمضي في غوايتها، فالمهم أن تحقق له الموسيقى طموحه كمؤلف وعازف حتى لو وضع حروفاً غريبة على جو المقام الذي يعمل في سكته او ربما تكون جملاً متحررة من فكرة المقام اصلاً. فمثلا مقطوعة «حصان درويش» التي يضمها عمله الجديد، هي تنويعات على لحن العربجية، نقلت احساساً بجري ورشاقة الحصان مع اللعب على اللحن الاساسي لسيد درويش، عن مقطوعة «مشكلة»: يقول شاهين: «كنت في أمسية شعرية، أعزف مع بهاء جاهين وألقى قصيدة بهذا العنوان يعبر فيها عن حنينه وافتقاده لوالده، وأنا شخصياً أعاني من المشكلة نفسها حيث رحل عني والدي مبكراً، فوضعت هذه المقطوعة». بداية حازم شاهين الاحترافية تعود الى صيف 2001 عندما أسس فرقة «اسكندريللا» مع سامية جاهين وصديقه شادي مؤنس الذي انفصل أخيراً عن الفرقة، ثم انضمت آية حميدة ومجموعة العازفين وعرفت «اسكندريللا» بإعادة تقديم ألحان سيد درويش التي غوت الموسيقي الشاب منذ البداية وأيضاً بعض أغاني الشيخ إمام الذي يراه تجربة فنية حفرت لنفسها مكاناً في الشارع العربي. وتقدم الفرقة أيضاً موسيقى وألحان زياد الرحباني، كما حققت «اسكندريللا» نجاحاً وجماهيرية بين أوساط الشباب. ويشارك شاهين في الأمسيات الشعرية التي يقدمها الشاعران بهاء جاهين وأمين حداد الذي يعد أول من آمن بموهبته، وأخيراً جمعت قصة حب بين ابنته سلمى حداد وشاهين، توجت بالارتباط وإليها أهدى الموسيقي الشاب اسطوانة «حاجات وحشاني» التي استغرق الإعداد لها نحو سبعة أشهر مع فرقة «مسار»، وسُجّل الألبوم كله في يوم واحد داخل قبو كنيسة في ضواحي بيروت، تم تجهيزه كاستوديو، بسبب ظروف السفر والطيران، ولكن شاهين عمل – كما يقول – على تصليح بعض المقطوعات في مرحلة الميكساج. وقدم شاهين أخيراً حفلات عدة للترويج للاسطوانة في ساحة روابط وساقية الصاوي ومسرح الجنينة.