ربما لا يحظى الإنسان بنعمة النوم ليلاً على رغم أنه مطلب مهم لاستمرار حياته بشكل طبيعي، إذ تحرمه أحياناً ظروفه العملية أو حتى الصحية من النوم، فهناك ملايين من البشر حول العالم لا يستطيعون أن ينعموا بالنوم الطبيعي إلا بمسكنات وأدوية جراء إصابتهم بأمراض نفسية أو بدنية تمنعهم من ذلك، وهناك من معشر الأصحاء من لا يستطيعون النوم لارتباطاتهم العملية التي لا تكون إلا في وقت سكون الأنفس، وخلود الأرواح إلى أسّرتها. «لا أعرف النوم ليلاً منذ سنتين» بهذه الإجابة يجيب محمد علي موظف الاستقبال بأحد فنادق جدة ل«الحياة»، إذ يقضي 8 ساعات من يومه وبالتحديد في بداية منتصف الليل من كل يوم حتى ينجلي الظلام بشمس الصبح، وهكذا دواليك يستمر نمط حياته على مدار ستة أيام في الأسبوع. ويرى موظف الاستقبال أن الدوام بعد منتصف الليل أفضل وأكثر راحة وطمأنينة للنفس من غيرها، مؤكداً أنه رفض أن يدخل في دائرة الورديات التي تتنقل بين زملائه لاقتناعه بالدوام في هذا الوقت «الثبات على وردية واحدة طوال فترة العمل يبعث في النفس الاستقرار، ولا تشتت جدولك اليومي، ومع أنني أعاني من قلة النوم، لكن هذا عملي وتعودت على ذلك». ويشارك محمد في قصته عمران السالم الذي لا يختلف كثيراً عن علاقة النوم بطبيعة عمله، إذ يعمل سائق أجرة متنقلاً بين المدن، ولا يفضل السفر إلا في ساعات الليل المتأخرة نظراً لدرجة الحرارة المنخفضة مقارنة بالصباح، وإقبال الزبائن لا يكون إلا بعد الساعة العاشرة مساء. ويؤكد السالم في حديثه ل«الحياة» أنه لم يعتد على السهر إلا أخيراً، بسبب ظروف عمله التي تجبره على اليقظة ليلاً ليوفر مصاريف أسرته، مشيراً إلى أن ظروف الحياة العملية لا يختارها الإنسان بقدر ما هي تلزمه بتفاصيلها وتجبره على مسايرتها. وهناك من يعاني من اضطراب النوم وهم الذين يجدون صعوبة في النوم أو أصحاب النوم المتقطع الغير متواصل، وأسباب الاضطراب في النوم تكون من مصادر عديدة في حياة الإنسان، مثل الأمراض النفسية أو تعاطي بعض الأدوية. ويرى الأكاديمي السعودي الدكتور أبوبكر باقادر أن النوم استمرار لنشاط ما يفعل قبل النوم، فالدراما التي يعيشها الإنسان في حياته قبل النوم يعيشها أثناء نومه، فمعظم الاضطرابات هي انعكاس وامتداد لحياة اليقظة، فالقضايا سواء كانت مشكلات أو طموحات وآمال، والطقوس والممارسات اليومية التي يمارسها الإنسان في حياته ربما يمارسها افتراضياً في عقله اللاواعي أثناء نومه، ما يسبب له اضطرابات.