تعمل فيف مرشدة سياحية مثل كثر من سكان لندن الذين يلجأون إلى هذا العمل لكسب لقمة العيش، وتشرح لمجموعة من الزوار كيف أعيد بناء جسر واترلو بفضل جهود النساء خصوصاً بعد الحرب العالمية الثانية. إلا أن فيف (56 سنة) ليست مرشدة عادية، فهي مشرّدة سكنت فترة من الزمن تحت جسر واترلو على السلالم المطلة على مقر البرلمان وكاتدرائية القديس بولس في لندن. وتقول للسياح: «عشت هنا شهرين. كان سريري عبارة عن ألواح خشبية وأوراق صحف وكرتون». بوجهها الشاحب تُطلع فيف، المولودة في النروج، السياح على العاصمة البريطانية، لكن بعين أحد سكانها المشرّدين. وهي من بين حوالى ستة مرشدين من المشرّدين يعملون مع برنامج «آنسين تورز» الذي أطلقته شبكة التطوع «سوك موب»، ويعمدون إلى دمج قصص من حياتهم الخاصة في الشارع مع الجولات (السياحية) الراجلة. تبدأ فيف جولتها في حدائق «فيكتوريا إمبانكمنت غاردنز» عند طرف نهر تايمز. في هذه الحدائق، أقامت فيف طوال أربعة مواسم صيف متتالية. وتقول: «هذا كان مقعدي. الحياة آمنة في الحديقة لأنهم يغلقون المتنزه ليلاً، فلا يهاجمك أحد». تنقل فيف المجموعة من حمّام استحم فيه الأديب الشهير تشارلز ديكنز ذات يوم إلى كشك للشاي كان سائقو سيارات الأجرة يرتادونه لأكثر من قرن من الزمن، قبل أن تتوقف أمام فندق «سافوي» لتروي قصة الهرّة الخشبية القابعة في مدخله. وتقول إن الهرة البالغ طولها نحو متر تدعى «كاسبار»، وهي تضاف إلى كل مائدة تضم 13 شخصاً لجعل عددهم 14 والوقاية من الحظ السيئ. وتضيف أن حوالى 200 شخص كانوا ينامون تحت القنطرة قرب فندق «سافوي» إلى أن بدأت السلطات تستخدم سياجاً خلال الليل لإغلاقها. وتروي فيف بهدوء للسياح: «في إحدى الليالي، قرابة الساعة 2 أو 3 فجراً، حاول بعض الصبية إضرام النار بامرأة مسنة من مجموعتنا، وذلك بعدما صبّوا الوقود على كيس النوم الخاص بها. لكن لحسن الحظ سمع بعضنا الجَلَبَة، فاستيقظ من النوم... وطرد الصبية». مجموعة السياح المذهولة بأخبار فيف حول الحياة في الشارع، راحت عندها تتجرأ على طرح بعض الأسئلة. فيسأل أحد الزوار: «أخبرينا عن الفندق. أظن أنه كان لديهم الكثير من مخلفات الطعام؟». وتكتفي فيف بالقول بمرارة: «إنه فندق للأثرياء». بول فان بوسيكوم (32 سنة)، وهم مصمم دراجات هوائية من هولندا، يقدم على طرح سؤال شخصي: كيف أصبحت فيف مشرّدة؟ تجيب: «انهار زواجي، فتركت أطفالي في المنزل وانتقلت منه»، رافضة الخوض في التفاصيل. فيف مشرّدة منذ عام 1997، وهي تتنقل بين المتنزهات والجسور عندما لا يمكنها النوم على كنبة لدى أصدقاء أو أقارب. وهي تحصل على 30 جنيهاً استرلينياً (48 دولاراً) أسبوعياً من عملها كمرشدة. وهي تقول معلقة: «الأجر قليل جداً، لكن الأمر يستحق العناء».