هل يمكن أن يدّعي مسلم عاقل أنه أكثر إسلاماً من الإخوان المسلمين؟ كل مَنْ يزايد على الإخوان في الدين يقول عن نفسه إنه متطرف لا يُؤتَمَن جانبه. ليس هذا دفاعاً عن الإخوان المسلمين، فعندي ملاحظات كثيرة على نشاطهم وأدائهم في حكم مصر، إلا أنني أكتب على خلفية «خليّة نصر»، وقبلها الجماعات الإرهابية في شمال سيناء، فالإرهابيون لا يمكن أن يُعتبَروا مسلمين صالحين عندما يقتلون مسلمين. في مصر يغيب العنصر المذهبي في القتل، فالضحايا الشهداء من السنّة، مثل الإرهابيين الذين قتلوهم. وكنت قرأت عن كمين للقاعدة في العراق قتل 12 شيعياً ضمن موكب لعائدين من الحج. الضحايا هنا أيضاً مسلمون، والخلاف الديني أو الاختلاف لا يمكن أن يهبط إلى درك القتل. الإرهابي الأول أيمن الظواهري يحاضر الرئيس محمد مرسي في واجباته ويتحدث عن معركة بين «القلة العلمانية المتحالفة مع الكنيسة والمستندة والمدعومة أميركياً وغربياً، وبين الأمة المسلمة في مصر»، وهو يدعو إلى حرب أهلية في مصر، ولا يبتعد بتفكيره عن «خليّة نصر» المتَّهَمَة بمؤامرة لاغتيال الرئيس المصري. وأسأل: ماذا كان موقف الإرهابيين من الرئيس لو كان قبطياً؟ الإرهاب يأخذ أشكالاً عدة. أقرأ للزميلة أمينة خيري تحقيقات من مصر وأُسَرُّ بخفة الدم في معالجة قضايا حياتية ملحّة، وفي الأسابيع الأخيرة وجدت تحقيقات أختنا أمينة مؤلمة، وفي الصميم، وأصبحَت مثلاً من نوع وجود متوحشين لا يريدون تعليم البنات، بل تزويجهن وهن في سن الطفولة. في اليوم نفسه كان الزميل غسان شربل، رئيس تحرير «الحياة»، يتحدث عن إعصار يلتهم المنطقة كما التهم «ساندي» الساحل الشرقي للولايات المتحدة. الإعصار وصل، ويدفع أبرياء من المسلمين ثمنه. منذ العيد الكبير وهناك كل يوم خبر عن عمل إرهابي يقوم به أصوليون متطرفون يستهدفون أهل بلادهم. وجمعت التالي: - مجزرة في أول أيام العيد في أفغانستان استهدفت قادة شرطة داخل مسجد، وسقوط 41 قتيلاً وأكثر من 70 جريحاً نصفهم من رجال الأمن. - في اليوم نفسه انفجار سيارة مفخخة في منطقة دف الشوك جنوبدمشق وأطفال بين الجرحى. - في اليوم التالي للعيد عشرات القتلى في العراق، بينهم زوار إيرانيون، في هجمات متفرقة، والمجموع حوالى 40 قتيلاً. - إحصاءات عراقية رسمية تقول إن النصف الثاني من العام الحالي هو الأعنف منذ ثلاث سنوات في عدد الهجمات ونوعيتها والخسائر. - ثلاثة قتلى و20 جريحاً في تفجير أمام مقام «كاكا صاحب» الصوفي في باكستان (28/10/2012). - في كل يوم من دون استثناء، وحتى ساعة كتابة هذه السطور أمس، كان هناك قتل يومي يحصد عشرات السوريين وغارات جوية بعضها استهدف مناطق في العاصمة دمشق، مع جرائم جماعات أصولية متطرفة ضد مدنيين وأكراد، حتى أن مقام السيدة زينب في دمشق لم يَسلم، وتفجيرٌ قربه أدى إلى سقوط ثمانية قتلى. - في مطلع هذا الشهر أعلنت مصادر رسمية عراقية مقتل أو إصابة 400 عراقي في أعمال عنف الشهر الماضي. وأمس، استمر العنف في سورية، وشمل اقتتالاً بين جماعات معارضة في حلب وريف إدلب. الإرهابيون كفّار وعملاء إسرائيل، والقرآن الكريم يقول إنه «مَنْ قتل نفساً بغير نفس أو فساد في الأرض فكأنما قتل الناس جميعاً (سورة المائدة: 32). وقال أيضاً: «ومَنْ يقتل مؤمناً متعمداً فجزاؤه جهنم خالداً فيها وغَضِبَ الله عليه ولعنه وأعد له عذاباً عظيماً (سورة النساء: 93). هم من التطرف والجهل والوهم أنهم يتآمرون على الإخوان المسلمين في مصر ويزايدون عليهم في التديّن والالتزام بالشريعة. وقد كتبت في هذه الزاوية يوماً أن الإخوان المسلمين هم أفضل مَنْ يحارب الفئة الضالة ويحاول ردَّ الجاهلين إلى الطريق القويم. ولعل الإرهابيين في مصر وغيرها يحفزون الإخوان على الاضطلاع بالمهمة التي سيفيد من نجاحها جميع المسلمين. [email protected]