تعرض في مزاد علني في باريس، رسالة استثنائية كتبها نابوليون الأول بخط يده في العشرين من تشرين الأول (أكتوبر) 1812، جاء فيها: «سأفجّر الكرملين في يوم الثاني والعشرين عند الثالثة فجراً». وبعد مئتي عام على الحملة الفرنسية على روسيا، تعرض دار أوسينا في فونتينبلو قرب باريس، هذه الرسالة المشفّرة التي تحمل توقيع «ناب» للبيع في مزاد في الثاني من كانون الأول (ديسمبر)، علماً أن قيمتها تقدر بما بين عشرة آلاف و15 ألف يورو دون من احتساب المصاريف الإدارية لعملية البيع. وكان نابوليون غادر موسكو وهي في حالة دمار واسع، وانتقل إلى محيطها، وأبلغ وزير العلاقات الخارجية في حكومته هوغ برنار ماريه قراره دكّ الكرملين. ويقول الخبير آلان نيكولا إن «تنفيذ المهمة أوكل إلى المارشال مورتييه، فقام بدكّ أبراج الكرملين الذي كان قصراً إمبراطورياً وقلعة عسكرية في آن واحد». غير أن الأبراج أعيد بناؤها بسرعة كبيرة على شاكلة الأبراج المدمرة تماماً. ويطلب نابوليون في هذه الرسالة من وزيره الموجود حينها في فيلنيوس (عاصمة ليتوانيا)، أن يجمع المواد الغذائية وان يجد وسائل للنقل. وكتب فيها أن «سلاح الفرسان قد تفكك، وكثير من الأحصنة تنفق» من جراء البرد القارس الذي تحمله رياح سيبيريا الى أرجاء موسكو. ويضيف الخبير: «الرسائل المكتوبة بخط يد نابوليون نادرة، لأن كثيرين من حملة الرسائل فقد أثرهم بعدما وقعوا على الأرجح بين أيدي الروس». وتعرض في المزاد أيضاً مخطوطة كتبها نابوليون في منفاه في سانت هيلينا تحمل عنوان «مقالة حول أساليب تعزيز الحملة»، وحاول فيها الإمبراطور المخلوع تبرير سياساته في الحملة على روسيا. فكتب نابوليون أن الحملة لا يجوز أن تسمى انسحاباً لأن الجيش كان منتصراً»، وهو بذلك ردّ على الانتقادات التي وجهها اليه الجنرال جوزيف رونيا في كتابه «تأملات في فن الحرب» الصادر عام 1816. في الرابع عشر من ايلول (سبتمبر) 1812، دخل نابوليون إلى موسكو بعدما هجرها كثير من سكانها ولم يبق فيها سوى الأشد فقراً. وبحسب جان كريستوف شاتينييه، المسؤول عن القسم الإمبراطوري في دار اوسينا، فإن «نابليون كان ينتظر استسلام قيصر روسيا ألكسندر الأول، لكن الروس اختفوا ولم يظهر أحد منهم». واندلعت حرائق كثيرة في هذه المدينة ذات البيوت الخشبية، ما أزعج الجيش الفرنسي. ثم أعطى نابوليون الأمر لقواته بالانسحاب الى الجنوب، لكنه كان قد خسر وقتاً ثميناً. وفي هذه المخطوطة، يشير نابليون إلى أن «الشتاء الروسي هو المنتصر الوحيد»، مؤكداً أن مسار حملته كان ليأخذ منحى آخر مختلفاً تماماً لو أنها انطلقت قبل موعدها بثلاثة أشهر. ويروي شاتينييه أن نابليون عكف في المنفى في سانت هيلينا على «إعادة درس معاركه وسياساته العسكرية، موجهاً تحليلاته هذه إلى صديقه الوفي الجنرال برتران والمقربين منه». والمجموعة التي يعرضها المزاد مصدرها عائلة برتران، ويقدر ثمنها مجتمعة بما بين 60 الفاً و80 الف يورو، وتضم «مقالات حول تعزيز الحملة»، والمخطوطة عن الحملة على روسيا، في 180 صفحة و44 رسماً. ويعود تاريخ هذه الكتابات الى ما بين تموز (يوليو) 1818 وآب (اغسطس) 1819. وإلى جانب المخطوطات والرسائل، يعرض المزاد سريري نابوليون وجوزفين، وأربعة كراسٍ على شكل طبول عسكرية يقدر ثمنها بما بين 50 ألف يورو و60 ألفاً ومصدرها المنزل الصغير في شارع شانتورين في باريس الذي كان أول مسكن للزوجين، والذي دمّر في العام 1862.