كشفت تقديرات مبدئية، أن المعدل اليومي لعابري جسر الملك فهد، الرابط بين السعودية والبحرين، يتجاوز 50 ألف مسافر، على طرفيه. ويشهد الجسر، الذي يصل طوله إلى 27 كيلومتراً، «تكدساً كبيراً» منذ بدء إجازة عيد الأضحى المبارك، التي تستمر 17 يوماً، وتختتم يوم الجمعة المقبل، وسط تقديرات أن يصل عدد العابرين إلى البحرين نحو 850 ألف مسافر سعودي وخليجي، إضافة إلى البحرينيين والمقيمين في دول الخليج، الذي يدخلون البحرين من دون تأشيرة. ويعتبر الجسر أقرب المنافذ البرية لسكان الكتلة البشرية الأكبر في المنطقة الشرقية، المتمثلة في مدن حاضرة الدمام، إضافة إلى محافظة القطيف، ورأس تنورة، وبقيق، والجبيل، وكذلك الأحساء. وسادت توقعات بأن يشهد الجسر في نهاية الإجازة، انخفاضاً في تدفق المسافرين، بعد أن اكتظت سيارات العابرين في الأيام الثلاثة الأولى من العيد. إلا أن الجسر بدد هذه التوقعات، وشهد زحاماً لم يقتصر على العابرين من المواطنين السعوديين والبحرينيين، بل شمل السياح القادمين براً من دول أخرى، بحكم أن هذا المنفذ البري الوحيد لمملكة البحرين. في الطرف المقابل، بدأ المنفذ البحريني يشهد عودة السياح السعوديين القادمين إما من البحرين، أو عبر مطارها الدولي مباشرة. وإن كان من الواضح أن كفتي العابرين غير متعادلة بين المنفذين. إلا أن القاسم المشترك بينهما، على رغم تفاوت النسب، هو عدم تشغيل جميع كبائن الجسر في الطرفين، ما تسبب في تأخير إنهاء الإجراءات، والمساهمة في عدم انسيابية الحركة. علماً أن المسارات في كلا الاتجاهين تبلغ 96 مساراً. وهي تضم مسارات الجوازات، والجمارك، ونقاط التأمين. ودفع هذا الوضع كثيراً من الأسر إلى استثمار وجودها بالتجول في الجزيرة الواقعة في منتصف الجسر، التي تبلغ مساحتها 800 ألف متر مربع، فهي تحتوي على مجموعة من مطاعم الوجبات السريعة، والمقاهي، إضافة إلى مصلى ودورات مياه. وتعتبر هذه الجزيرة من أكثر مرافق المنافذ التي يتم إطلاق الوعود بتطويرها، وجعلها «ذات مقومات جاذبة للسائح». وكان آخر هذه التصريحات، ما أكده المدير العام للمؤسسة العامة لجسر الملك فهد بدر العطشيان، في تصريح إلى «الحياة»، إذ ذكر أن هناك «مناقصة لتحويل الجزيرة إلى منطقة ذات جذب سياحي»، موضحاً أن المناقصة سيتم طرحها على «مقاولين مختصين مطلع العام المقبل، وسيتم تنفيذها على ثلاثة مراحل، تضم الردم، والبنية التحتية، إضافة إلى الخدمات المساندة». وقدر العطشيان، في وقت سابق، عدد المسافرين الذين يعبرون جسر الملك فهد سنوياً، بنحو 18 مليون مسافر. وهذا رقم يراه المسافر فيصل البسام، الذي قابلته «الحياة»، أثناء تجولها في الجزيرة، لمعرفة انطباع العابرين والقادمين، «منطقياً»، لافتاً إلى أن البحرين «متنفس يحظى بميزة لا تحظى بها غيرها من الدول الخليجية، ألا وهي قربها من البلد، ما يجعل بعضهم لا يشعر أنه يقطع المسافة التي يُطلق عليها سفر». ومع ذلك، لم يخفِ البسام تأثره من أن يتسبب ذلك التدفق الكبير في «تقليل عمر الجسر الافتراضي»، وقال ممازحاً: «أتخيل دوماً، أنا وأصدقائي ونحن نعبر الجسر، ونرى هذه الطوابير الممتدة، أن الجسر سيهوي بنا». ولم يكن الشعور يراود البسام لوحده، بل عدد من المسافرين الآخرين. إلا أن مؤسسة الجسر سبق أن نفت ذلك قبل أربع سنوات، مؤكدة أن العمر الافتراضي للجسر، الذي مضى على تدشينه حينها 23 عاماً، «سيمتد لأكثر من 75 عاماً، لكونه يحظى بعملية تشغيل وصيانة وفحص من جانب كبرى الشركات العالمية المتخصصة في هذا المجال، وبمتابعة من جانب إدارة فحص الجسور في المؤسسة المناط بها العمل اليومي، وتحت إشراف خبراء متخصصين شاركوا في تصميم ومراحل إنشاء الجسر». وبخلاف هذا الهاجس، كان هاجس مجموعة من الشباب العمانيين الذاهبين إلى البحرين مختلفاً. فهم يتساءلون عن الحل المناسب للتكدس الذي يواجهونه في كل زيارة. ويقول عماد أبو شيخة: «يجب أن نأخذ في الاعتبار أن الجسر صُمم منذ مدة، لذلك كان من الطبيعي أن تكون مساراته ضيقة في ظل طول المسافة بين المملكتين»، فيما عارضه صديقه حمود القيسي، بقوله: «أعتقد أن مشكلة الجسر ليست في ضيق مساراته، أو طول المسافة. ولكن في عدم تشغيل المسارات كافة التي لم أرها يوماً كاملة التشغيل، على رغم أنني منذ 7 سنوات أزور البحرين بشكل دائم».