واشنطن – «نشرة واشنطن» - اعتبر رئيس مجموعة السيارات المتقدمة في «المختبر القومي للطاقة المتجددة» الأميركي، في غولدن (ولاية كولورادو الأميركية)، روب فاريغتون، ان «الحل الأكثر وعداً لمشكلة اعتمادنا على النفط المستورد، ولمواجهة تحديات تغير المناخ، هو إقناع الناس باستخدام وسائل نقل غير السيارات الشخصية، كركوب الدراجات والسير على الأقدام وركوب وسائل المواصلات الجماعية والعمل عن بعد، أي تجنب الذهاب إلى موقع العمل الرسمي». ويرى معظم الخبراء أن المطلوب هو توفير مزيج من السيارات والتكنولوجيات المتقدمة، وتحسين وسائل النقل العام وغيرها من البدائل التي تُغني عن قيادة السيارات كي يتسنى تحقيق الأهداف الطموحة التي حددها الرئيس الأميركي باراك أوباما لعام 2020، وهي خفض انبعاث غازات الاحتباس الحراري في الولاياتالمتحدة بواقع 14 في المئة من دون مستويات عام 2005، وتوفير 1.8 بليون برميل من النفط الخام من خلال استخدام سيارات ومركبات موفّرة للوقود. ويذكر أن سيارات الركاب والشاحنات الخفيفة تمثّل نحو 45 في المئة من الطلب الأميركي على النفط، وهي المسؤولة عن 17 في المئة من انبعاث الغازات المسببة للاحتباس الحراري، الذي يساهم في ارتفاع درجة حرارة الأرض. كما ان تحويل وسائل النقل العام بديلاً عملياً لاستعمال السيارة للوصول إلى مقر العمل، يتطلب الكثير من الاستثمارات في البنية التحتية. ويتوقع أن يزيد الكونغرس في شكل كبير، الأموال المخصصة لتطوير البنية الأساسية ووسائل النقل العام، عندما ينظر في مشروع قانون النقل لاحقاً، لكن مشاريع النقل تستغرق وقتاً طويلاً لإنجازها. ويستبعد أن تترك تكنولوجيا شحن السيارات الهجينة بالكهرباء، التي يشعر الرئيس الأميركي بحماسة خاصة تجاهها، أثراً كبيراً في السوق خلال العقود القليلة المقبلة، كما يؤكد محللون، على رغم دعوة الإدارة الأميركية لوضع مليون منها على الطرقات بحلول العام 2015. وأوضح فارينغتون إن الأمر سيستغرق 15 سنة حتى يتسنى استبدال أسطول سيارات الركاب الأميركية العاملة على الطرق حالياً بأخرى هجينة أو تعمل بواسطة الكهرباء. فالسيارات الهجينة موجودة في السوق منذ 10 سنين لكنها لا تشكل سوى ثلاثة في المئة من السيارات الجديدة التي تباع حالياً، كما ان الشركات المنتجة لتلك السيارات لم تحقق من بيعها أرباحاً بعد، وفقاً لرئيس «اتحاد صناعة السيارات» الأميركي ديف مكوردي. وكي يتسنى توفير أقصى قدر ممكن من الوقود وخفض الانبعاثات في أقصر مدة ممكنة، يجب التركيز على تحسين السيارات التي تعمل بواسطة الاحتراق الداخلي لوقود البنزين التقليدي، وعدم تشجيع الأفراد على قيادة السيارات، وفقاً للخبراء. ويفضل صناع القرار التحدث عن «تحوّل» وسائل النقل وعن التقنيات «التحويلية»، وفقاً لجون هيوود من «معهد مساتشوستس للتكنولوجيا»، الذي سبق له إجراء بحوث على تكنولوجيات السيارات. وأوضح ان عبارات «تحسين السيارات» و «توفير الوقود» لا تحظى بالقدر ذاته من الحماسة التي تحظى بها عبارة «التحول» لدى السياسيين. ويتفق معظم المحللين على أن الأبحاث التي تجرى على التكنولوجيات المتقدمة للسيارات يجب أن تتسارع، وأشادوا بالحكومة الأميركية على رصدها مبالغ كبيرة لهذا الأمر. لكن فارينغتون حذّر من مغبة التركيز على التكنولوجيا بمفردها، التي قال إنها «لا تشجع على الاعتماد في شكل أكبر على وسائل النقل العام والسيارات الصغيرة، والمجتمعات المحلية التي تُبنى حول مراكز وسائل النقل الجماعي». وأردف مكوردي ان جزءاً من المشكلة هو عدم توافر استراتيجيات وطنية شاملة وثابتة خاصة بالطاقة والنقل. ولفتت نائبة مساعد وزير المواصلات والنقل الأميركي، بيث أوزبورن، الى ان الحكومة الأميركية تعمل جاهدة من أجل وضع مثل هذه الاستراتيجيات، لكنها تواجه مهمة صعبة لاختراق أسوار البيروقراطية التي تفصل بين مختلف الوكالات الحكومية، التي لها سلطة على جوانب مختلفة من القضايا المتعلقة بهذا الموضوع. وازدادت الجهود المبذولة لوضع هذه الاستراتيجيات تعقيداً، نظراً الى أن أهداف تعزيز أمن الطاقة وخفض حرارة الأرض لا تكون دائماً متوافقة. وعلى سبيل المثال، يمكن للولايات المتحدة توسيع مجموعة من المصادر الآمنة للوقود عبر تشجيع إنتاج النفط الثقيل على أراضيها وفي كندا، لكن هذا الإنتاج يكثّف استخدام الطاقة، ويسبب أضراراً بيئية جمّة. وكان الوقود الحيوي، والإيثانول بصورة رئيسة، ينظر إليه على أنه يمثل الحل الأمثل لحاجة الولاياتالمتحدة للطاقة ومشكلة تغير المناخ. وفي عام 2007، فرض الكونغرس، بدافع مخاوف أمنية، زيادة إنتاجه بمقدار خمسة أضعاف. وينظر الآن في مشروع قانون يقضي بأن تكون 80 في المئة من السيارات الجديدة قادرة على أن تعمل بوقود الديزل الحيوي، أو مزيج من الإيثانول والميثانول، بحلول عام 2015. وتعهدت شركات صناعة السيارات بأن يكون نصف عدد السيارات التي يجري إنتاجها بحلول عام 2013 متمتعاً بهذه القدرة. لكن عدداً من الدراسات شكك في المنافع المناخية الصافية التي يجلبها استخدام الوقود الحيوي، وبصورة رئيسة الإيثانول المستخرج من الذُرة. لذلك يجري تطوير الجيل المقبل منه، ويقوم على الكتلة الحيوية السليلوزية، ويتوقع أن تكون منافعه على المناخ أكثر وضوحاً.