يشير استطلاع أجرته مؤسسة «أنغوس ريد»، (Angus Reid) العالمية أخيراً، الى ان تسرب الطلاب في العديد من المدارس الأوروبية والأميركية والكندية وغيرها، هو في ارتفاع مستمر ومعضلة تربوية لا حل سحرياً لها، لا سيما في المرحلة المتوسطة التي يغادرونها من دون حصولهم على اي شهادة رسمية. ويظهر الاستطلاع ان نسبة المتسربين من المدارس في كندا تصل الى حوالى 36 في المئة (22 منهم من الذكور و14 في المئة بنات) وفي الولاياتالمتحدة الاميركية حوالى 28 في المئة وفي المانيا اكثر من 10 في المئة واليابان حوالى 5 في المئة. ويتوقف الاستطلاع عند اسباب هذا التسرب ويحددها بإهمال الأهل (19 في المئة) ثم تخلف النظام التعليمي وارتفاع عدد التلاميذ في الصف الواحد (12 في المئة)، ثم نقص الموازنات التربوية للمدارس (9 في المئة). وعلى صعيد متصل، تشير منظمة الاونيسكو الى ان اكثر من مليون طالب غالبيتهم في الدول النامية يغادرون المدارس من دون اي شهادة، وان مبدأ «التعليم للجميع»، الذي حددت له موعداً عام 2015، ما زال بعيد المنال وأقرب الى التمنيات. أمّا على صعيد المطالعة فيطرح الاستطلاع سؤالاً محورياً: لماذا لا يحب التلاميذ المطالعة؟ ويبين ان 71 في المئة في 57 بلداً في العالم يواظبون عليها مقابل 29 في المئة لا يقرأون كتاباً واحداً في السنة بينهم 16 في المئة ذكور و13 إناث. ويطرح الاستطلاع تساؤلاً عن المسؤول عن التسرب من المدرسة وتدني نسبة المطالعة: هل هم الأهل أم المدرسة أم الطلاب أم النظام التربوي؟ ويكتفى بالقول: «ربما كان الجميع». وتلفت الدراسة الى إعطاء الحوافز المالية والمادية للتلامذة للمواظبة على التعلم، موضحة انها طريقة غير مشروعة تربوياً على رغم نتائجها «المذهلة». فعلى سبيل المثال، تدنت نسبة التسرب المدرسي في كندا واميركا العام الفائت في بعض المدارس من 56 في المئة الى حدود 19 في المئة وانخفض معدل التغيب عن الدراسة من 60 في المئة الى 20 في المئة كما ازداد اداؤهم العلمي وحسن سلوكهم المدرسي من 11 في المئة الى 40 في المئة. وهؤلاء جميعاً تقاضوا مبالغ مالية تتراوح بين 50 و100 دولار. أمّا بالنسبة للمطالعة فكان معظم الحوافز مكافآت غير مالية. ففي نيوزيلاندا قدم بعض المدارس لكل تلميذ صندوقاً من المشروبات الغازية، وفي مدارس مقاطعة انتاريو في كندا بطاقة لتناول وجبات مجانية عدة من احد مطاعم الوجبات السريعة، وفي فرنسا تذاكر سينما للذين يقرأون اكثر من خمسة كتب، وفي بريطانيا قسائم للهاتف النقال او مجموعة من الثياب او الاحذية ذات الماركات العالمية المشهورة. ويعلق كيت نورمان احد المسؤولين التربويين في بريطانيا وصاحب فكرة الحوافز المالية والمادية بقوله: «انني اول من يعترف بأن اسلوب الحوافز في العملية التربوية هو رشوة، ولكنه بالتأكيد أجدى وانفع من النصح والإرشاد، والنتائج الإيجابية ربما كانت كفيلة بتبريره».