ما زال تحديد موعد نهاية العالم يشد الكثيرين منذ آلاف السنين وحتى أيامنا، إذ ينتظر البعض أن تكون نهاية العالم في 21 كانون الأول (ديسمبر) 2012، مستندين إلى تقويم حضارة المايا، فيما لا يتوقع آخرون أن يجري الحدث قبل 72 بليون سنة! ويعد الإعلان عن نهاية العالم في كانون الأول (ديسمبر) المقبل الثالث والثمانين بعد المئة من نوعه منذ سقوط الإمبراطورية الرومانية قبل 1600 سنة، أي أن توقعاً بنهاية العالم كان يظهر بمعدل مرة كل عشر سنوات. إلا أن الكثيرين ما زالوا يؤمنون بجدوى هذا التوقع، وتشكلت طوائف دينية ينتظر أتباعها فعلاً أن ينتهي العالم في الأسابيع القليلة المقبلة ويعدّون العدة لذلك. وفي ظل انتشار توقعات عن نهاية العالم قريباً، وتضخيم التوقعات عبر الإنترنت، نشأ قطاع اقتصادي حقيقي لتلبية طلبات المؤمنين بقرب قيام الساعة، والراغبين بالتحضير لها. لا شيء علمياً يدعم توقعات الأميركي خوسيه أرغييس الذي يدعي أن مجموعة من «المايا الفضائيين» سيأتون عام 2012 من النجوم على متن سفنهم الفضائية لإنقاذ 144 ألفاً من سكان الأرض. وكذلك لا شيء لدى علماء الفضاء يساند فرضية الغواتيمالي كارلوس باريوس المبنية على تقويم حضارة المايا القديمة في أميركا الجنوبية، والتي تشير إلى أن 21 كانون الأول المقبل سيكون اليوم الأخير من عمر البشر. لكن طوائف دينية مستحدثة تنشط في الولاياتالمتحدة وروسيا وإسبانياوفرنسا، يستعد أتباعها للكارثة التي يرونها آتية لا محالة، منهم من يتخذ بيوتاً في أماكن حصينة، ومنهم من يشتري على الإنترنت سترات نجاة، ومنهم من يخزن الماء. ويقوم كثيرون من هؤلاء أيضاً بالتدرب على كيفية النجاة والتعايش مع الظروف الآتية، من صيد الدجاج إلى ذبحه وتنظيفه وإشعال النار والطبخ إذا ما وجد الإنسان نفسه وحيداً في الطبيعة بعد زوال البشرية. يروي جورج فينيش الذي عمل على مكافحة الانحرافات الفكرية ضمن هيئة «ميفيلود» التي تأسست في فرنسا عام 2002 في كتابه «نهاية العالم، تهديد وشيك؟»، هذه الاستعدادات التي تجري على قدم وساق في أماكن مختلفة من العالم. ويقول: «طائفة فيفوس في كاليفورنيا شيّدت عشرين مخبأ حصيناً يمكن أن تستوعب مئتي شخص، كل لديه مؤونته الخاصة التي تكفيه لمدة سنة، ويباع المكان لشخص واحد بخمسين ألف دولار». في إسبانيا، جهزت مجموعة مماثلة مخبأين حصينين في سييرا دي مدريد، وفي بولندا تستعد مجموعة أخرى «لإنقاذ البشر والأرض عام 2012». أما الطائفة الإيطالية «نون سيامو سولي» (لسنا وحدنا)، فتترقب مجيء مخلوقات فضائية. وقبل أسبوع، نظم الاتحاد الأوروبي لمراكز البحوث والمعلومات حول الطوائف مؤتمراً دولياً في فرنسا حول «الطوباوية لدى الطوائف التي تنتظر نهاية العالم». ورأى سيرج بليسكو الرئيس الجديد لمنظمة «ميفيلود»، متوجهاً إلى 150 مشاركاً من 20 دولة من بينها الولاياتالمتحدة وكندا وجنوب أفريقيا، أن «استغلال الخوف هو من الوسائل الأكثر فاعلية التي يستخدمها القناصون لجذب الفريسة». ووفقاً لساندرين ماتين، المختصة في علم النفس التحليلي، فإن «الحديث عن نهاية العالم عام 2012 وجد صدى كبيراً في الولاياتالمتحدة إلى درجة أن «وكالة الفضاء الأميركية» (ناسا) أنشأت موقعاً للرد على الترهات التي تشاع في هذا السياق والتي يتداولها مستخدمو الإنترنت على أنها حقائق علمية فضائية». وفيما يحصي أتباع هذه الطوائف الساعات والأيام مترقبين نهاية العالم بعد أسابيع، سخر عالم المخطوطات الأميركي المعروف دايفيد ستورات من الأمر قائلاً إنه بعد دراسته تقويم المايا اكتشف أن القيامة لن تقوم قبل 72 بليون بليون بليون سنة.