بدأت الجهات القضائية المصرية تحقيقاتها في عشرات البلاغات التي تتهم وزير الدفاع السابق المشير حسين طنطاوي ونائبه الفريق سامي عنان، اللذين عُينا مستشارين للرئيس محمد مرسي، بقتل المتظاهرين في الأحداث التي تلت تنحي الرئيس المخلوع حسني مبارك والتي سقط خلالها عشرات القتلى في مواجهات تكررت بين متظاهرين وقوات الجيش والشرطة. وكان النائب العام عبدالمجيد محمود طلب من وزير العدل أحمد مكي ندب أحد قضاة محكمة الاستئناف لمباشرة التحقيق في تلك البلاغات، ووافق الأخير على الطلب وأحاله على رئيس محكمة استئناف القاهرة لندب أحد قضاة المحكمة لمباشرة تلك المهمة. وبدا أن محمود أراد النأي بنفسه عن تلك القضية في ظل تزايد السخط الشعبي على سلطات التحقيق في قضايا قتل المتظاهرين خصوصاً بعد تبرئة كبار المسؤولين في عهد مبارك وقادة الأجهزة الأمنية وحتى ضباط الشرطة الصغار من تهم قتل المتظاهرين في أكثر من قضية لضعف الأدلة التي تدينهم. وقرر رئيس محكمة استئناف القاهرة سمير أبو المعاطي ندب القاضي ثروت حماد، وهو رئيس دائرة في المحكمة، ليصبح قاضي التحقيق في الاتهامات الموجهة إلى طنطاوي وعنان ومعهما قائد الشرطة العسكرية السابق اللواء حمدي بدين. وبذلك سيتجنب النائب العام أي انتقادات في حال انتهت التحقيقات مع المسؤولين العسكريين إلى تبرئتهم أو حتى حفظ التحقيقات، إذ إن محمود استند إلى عدم تحقيق النيابة العامة في قضية «موقعة الجمل» التي تمت تبرئة رموز نظام مبارك فيها لرفض قرار إقصائه من منصبه الذي أثار أزمة بين الرئاسة والقضاء انتهت بتراجع الرئاسة عن إقالة النائب العام. في غضون ذلك، أحال النائب العام البلاغات المقدمة من 20 ناشطة سياسية ضد القياديين في جماعة «الإخوان المسلمين» عصام العريان ومحمد البلتاجي ووزير الداخلية أحمد جمال الدين، بتهمة التحريض على التعدي على المتظاهرين في ميدان التحرير الجمعة الماضي على المكتب الفني للتحقيق. وكانت اشتباكات دامية وقعت في ميدان التحرير حين هاجم أنصار الرئيس مرسي من جماعة «الإخوان» معارضيه في الميدان ما أسفر عن جرح أكثر من 120 شخصاً. وذكرت الناشطات في البلاغات أن «سيدات مصر تعرضن لعنف بدني ومعنوي، من قبل مليشيات منظمة تابعة للإخوان»، وحملن وزير الداخلية المسؤولية عن توفير الحماية والأمن للمتظاهرين. واتهمن البلتاجي والعريان بالتحريض المباشر على الاعتداء عليهن. ونفى مكتب النائب العام ما تردد عن إصداره قراراً بمنع رئيس الاستخبارات السابق اللواء مراد موافي من السفر على خلفية البلاغات المقدمة ضده وتتهمه بالتسبب في حادث رفح الذي وقع في مطلع آب (أغسطس) الماضي وأسفر عن مقتل 16 جندياً في الجيش حين هاجمهم مسلحون ملثمون. من جهة أخرى، نفى وزير الدولة للشؤون القانونية والمجالس النيابية محمد محسوب إصدار قانون «حماية مكتسبات الثورة» الذي كلف مرسي مستشاريه بإعداده ونشرت صحف أمس مقتطفات منه تضمنت نصوصاً شبيهة بقانون الطوارئ السيء السمعة. وأكد محسوب أن «الحكومة لم تناقش حتى الآن أياً من مواد القانون». وأضاف: «لا يوجد حتى الآن أي قوام لقانون تحقيق أهداف الثورة، ولم تناقش أي مواد من تلك المنشورة في بعض الصحف، وليس ذلك سوى حدس صحافي غير صائب». إلى ذلك، شهدت وزارة الخارجية أمس يوماً متوتراً في ظل اعتصام الإداريين فيها للمطالبة بلقاء الوزير محمد كامل عمرو بعدما تردد عن إلغاء إلحاق الإداريين شهراً في سفارات مصر في الخارج وإلغاء حملهم جوازات سفر ديبلوماسية خلال عملهم في الخارج وإلغاء تعزيز بعض السفارات بإداريين ما يقلل من فرص سفرهم. والتقى الأمين العام للوزارة إيهاب حمودة والمستشار في مكتب وزير الخارجية محمد سمير الإداريين المتجمهرين، واستمعا لمطالبهم وأكدا أن «غالبية الشكاوى لا تعدو كونها مجرد إشاعات». وكان الناطق باسم وزارة الخارجية عمرو رشدي أعرب عن «دهشة بالغة إزاء محاولات الربط بين الاجتماع الدوري الذي عقد بين وزير الخارجية وأعضاء السلك الديبلوماسي للبحث في شؤون الوزارة، وبين القضايا السياسية الجارية التي تخص الشأن العام». وأضاف أن «الاجتماع كان مقرراً منذ مطلع الأسبوع الماضي، ويأتي في إطار سلسلة الاجتماعات التي يعقدها الوزير مع أعضاء الوزارة منذ العام الماضي لمتابعة عمل لجان تطوير الأداء التي تواصل عملها لوضع المعايير الخاصة بتحسين أوضاع الديبلوماسيين المعيشية والوظيفية والتغلب على العقبات الكثيرة التي تواجههم في عملهم». وكان تردد أن شباب الديبلوماسيين أعربوا عن غضبهم بسبب قرار الرئيس تعيين النائب العام سفيراً لمصر في الفاتيكان من دون استشارة وزير الخارجية. واعتبرت مصادر قريبة من الرئاسة أن لرئيس الجمهورية الحق في تعيين السفراء من دون استشارة الوزير، مشيرة إلى أنه حتى عام 2009 كان يحق للرئيس تعيين 10 في المئة فقط من سفراء مصر في الخارج، لكن الوزير السابق أحمد أبو الغيط قدم تعديلاً قانونياً أقره البرلمان في عام 2009 يسمح للرئيس بتعيين أي عدد من السفراء.