أفيد أمس أن «الجماعة الإسلامية المقاتلة» سلّمت إلى السلطات الليبية «مراجعاتها التصحيحية» التي قام بها قادتها المسجونون في ليبيا، لتنضم الجماعة إلى جماعات عديدة في العالم العربي تصف نفسها بأنها تنتمي إلى «الفكر الجهادي» تراجعت عن سلسلة من مواقفها السابقة التي أباحت العنف لقلب أنظمة الحكم في بلدانها. وعلمت «الحياة» أن السلطات الليبية تريد الآن أن ترسل «مراجعات المقاتلة» إلى عدد من الشيوخ المعروفين للإطلاع عليها و «تنقيحها وإبداء الرأي فيها». وقال مصدر مطلع على الموضوع أن أربعة من الشيوخ المعروفين في ليبيا سيُسلمون نسخاً من المراجعات، في حين ستُرسل نسخ أخرى إلى أربعة من المشايخ المعروفين في العالم العربي كي يبدوا رأيهم فيها بدورهم. ويُعتقد أن من بين الشيوخ الأربعة خارج ليبيا الذين سترسل إليهم المراجعات الشيخ يوسف القرضاوي (قطر) والشيخ سلمان العودة (السعودية). ولم يكن واضحاً من هما الشيخان الآخران اللذان يُرجح أن يكونا من منطقة المغرب العربي (المغرب وموريتانيا). وربما تُرسل نسخ من المراجعات أيضاً إلى علماء دين آخرين في العالم العربي. وقال مصدر متابع لهذا الموضوع إن «المراجعات» تتضمن «رداً فقهياً على أفكار الغلو والتشدد والتكفير والعنف»، وإن قادة «المقاتلة» توصلوا إليها بعد شهور من الحوارات في ما بينهم في سجن أبو سليم. وسُمح لقادة «المقاتلة» هذه السنة بحرية أكبر في الاتصال ببقية السجناء الإسلاميين في أبو سليم، الأمر الذي أتاح لهم مناقشة مراجعاتهم مع عناصر تنظيمهم قبل البت بها في صيغتها النهائية. ويشرف على إعداد المراجعات ستة من قادة «المقاتلة» على رأسهم أميرها عبدالله الصادق ومسؤولها الشرعي أبو المنذر الساعدي. ورغم أن أجهزة الأمن الليبية المختلفة شاركت منذ البداية في الحوارات مع قادة «المقاتلة»، فإن إنجاز الجماعة مراجعاتها لم يكن ليتم على الأرجح لولا الجهود التي بذلتها «مؤسسة القذافي للتنمية» التي يرأسها سيف الإسلام القذافي الذي كان يتدخل كلما تعقّدت الأمور بين القادة المسجونين والمسؤولين الأمنيين. ولفتت صحيفة «أويا» القريبة من سيف الإسلام التي أكدت أمس أن «المقاتلة» فرغت من إعداد مراجعاتها الفكرية «الدراسات التصحيحية» التي شملت تسعة أبواب، إلى أن هذه الجماعة وجّهت «رسالة إلى السيد سيف الإسلام أكدت فيها اعتزازها وتقديرها للدور المهم الذي قام به في توفير اشتراطات الحوار الجاد ومتابعته الدقيقة لمجرياته ومساعيه المخلصة في تذليل ما اعترضه من عراقيل». وذكرت «أويا» أن الدراسات التي قدمتها «المقاتلة» جاءت في «421 صفحة» و «تميزت عن تلك المراجعات المحددة للجماعات الإسلامية في مصر وغيرها من الدول، واعتمدت في تصحيحاتها على المراجع الأصيلة ومحققي العلماء». وجاء صدور المراجعات بعد أيام من هجوم شنه القيادي في «المقاتلة» أبو يحيي الليبي على حكم العقيد معمر القذافي. لكن أبو يحيي لم يتحدث باسم «المقاتلة» وانما بصفته قيادياً في تنظيم «القاعدة». ونأى قياديون في «المقاتلة» الشهر الماضي بجماعتهم عن «القاعدة»، قائلين إن الجماعة الليبية ليست جزءاً من التنظيم.