في واحد من أسوأ أيام العنف في سورية سقط نحو 110 أشخاص بين قتيل وجريح في انفجار محطة للوقود في محافظة الرقة في شمال سورية، بحسب المرصد السوري لحقوق الإنسان. فيما احتدم القتال في دمشق وأحيائها الجنوبية. وقال التلفزيون السوري الرسمي ومعارضون وشهود إن قوات الأمن طوقت منطقة في حي اليرموك تسيطر عليها المعارضة بجنوب العاصمة وداهمتها وألقت القبض على أكثر من 100 شخص، وقال معارضون إن آخرين قتلوا بالرصاص. وتحدث نشطاء عن إعدام خمسة مقاتلين معارضين بعد عثور القوات النظامية عليهم مختبئين بالمنطقة. كما تواصلت العمليات الأمنية في حلب، وأفاد معارضون أن «سلاح المدفعية في الجيش السوري استهدف تجمعاً كبيراً لمسلحي المعارضة في محيط جامع جمال في حي الكلاسة» جنوب حلب، كما تعرض حي بستان القصر لقصف «هو الأعنف حتى الآن منذ بداية الثورة». وعن قصف محافظة الرقة التي استولت قوات المعارضة أول من أمس على معبر حدودي فيها لأول مرة منذ بدء الاحتجاجات، قال المرصد إن «110 أشخاص بين شهيد وجريح سقطوا اثر انفجار في محطة للوقود في قرية عين عيسى بريف الرقة»، ناقلاً عن ناشطين في المنطقة أنه نجم عن «قصف بالطيران». وأوضح مدير المرصد رامي عبد الرحمن في اتصال هاتفي مع فرانس برس أن «30 شخصاً على الأقل قتلوا وجرح 83 آخرون»، متحدثاً عن «معلومات غير مؤكدة» عن تخطي عدد الضحايا 50 قتيلاً. وقال ناشط إعلامي في الرقة عرف عن نفسه باسم أبو معاوية في اتصال مع فرانس برس عبر سكايب أن طائرة حربية تابعة للقوات النظامية «ألقت برميلاً متفجراً على محطة هشام، وهي الوحيدة التي ما زالت تبيع الوقود في المنطقة». وأشار الناشط إلى أن عدداً كبيراً من الناس يصطفون عادة للحصول على الوقود من هذه المحطة «وهذا ما يرجح ارتفاع عدد الضحايا»، على قوله. إلى ذلك، قال التلفزيون السوري الرسمي إن قوات الأمن طوقت منطقة في حي اليرموك تسيطر عليها المعارضة بجنوبدمشق وداهمتها وألقت القبض على أكثر من 100 شخص، وقال نشطاء معارضون إن آخرين قتلوا بالرصاص. وهذه الحملة هي أحدث خطوة ضمن محاولات القوات الحكومية للقضاء على وجود مقاتلي المعارضة بالعاصمة. وقال ناشط بحي اليرموك الذي اختبأ به المقاتلون في الأيام القليلة الماضية إن الدبابات والجنود أغلقوا كل المداخل. وفتش المنطقة مئات الجنود وكان بعضهم مترجلين والبعض الآخر يركب شاحنات مزودة بأسلحة آلية ثقيلة. وقال ناشط يدعى أبو سلام لرويترز عبر سكايب: «نحن محاصرون هنا. لا يستطيع سوى الأطفال والرجال المسنين أو النساء أن يغادروا. الشبان الذين يمكن أن يكونوا من مقاتلي المعارضة أو النشطاء وحتى الشابات اللاتي يمكن أن يكن ناشطات أيضاً محاصرون بالداخل». وأضاف: «نحن مختبئون في منازلنا. أخشى أن أترك منزلي وبالتالي أجلس هنا في انتظار أن أرى إن كانوا سيصلون إلى شارعي أو إذا كنت سأعتقل أو أقتل بالرصاص». واليرموك مخيم غير رسمي للاجئين الفلسطينيين. ويكتظ الحي الفقير ذو الكثافة السكانية العالية في جنوبدمشق بالمباني الخرسانية. وفي هذا الصيف أصبحت عدة أحياء في جنوبدمشق ساحة معركة يومية خلال الانتفاضة التي اندلعت منذ 18 شهراً ضد الأسد والتي تحولت إلى حرب أهلية. وقال التلفزيون السوري إنه تم إلقاء القبض على 100 شخص في اليرموك وأضاف أن قواته تقوم بعمليات تفتيش في حي آخر قريب حيث تداهم أوكار «الإرهابيين» وقتلت عدداً منهم بداخلها. وفي اليرموك قال الناشط أبو سلام إن ثلاثة أشخاص على الأقل هم رجلان وامرأة شابة قتلوا بالرصاص حين رآهم الجنود يفرون من متنزه صباح أمس. وأضاف أنه تم إعدام خمسة مقاتلين معارضين بعد العثور عليهم مختبئين بالمنطقة. وقال مقيم تجول باليرموك في اليوم السابق إن مقاتلي المعارضة الذين انسحبوا من عدة أحياء مجاورة انتقلوا إلى جزء جنوبي من المنطقة وتعرضوا لقصف عنيف من جانب الجيش الليلة الماضية. وقال نشطاء وشهود تحدثوا إلى رويترز إن أجزاء كثيرة من المناطق الموجودة على مشارف دمشقالجنوبية - حيث كان مقاتلو المعارضة يحاولون الحفاظ على موطئ قدم - تحولت إلى أنقاض. وأضافوا أن مباني بالكامل انهارت وأن رائحة الجثث المتحللة تملأ الشوارع. وقال أبو سلام: «نخشى الذهاب لانتشالها لأن قوات الأمن هناك وستسألنا لماذا نأتي من أجل هؤلاء الناس». ومع استمرار القصف ومحاولة القوات النظامية اقتحام أحياء جنوب العاصمة، أعلن المجلس الوطني السوري حي الحجر الأسود ومخيم اليرموك للاجئين الفلسطينيين والأحياء الجنوبية من العاصمة «مناطق منكوبة» وذلك بعد إعلان اتحاد التنسيقيات في المناطق نفسها «مناطق منكوبة». وأشار المجلس في بيان تلقت فرانس برس نسخة منه إلى أن الحجر الأسود «يشهد قصفاً عنيفاً بالطيران المروحي لمنازل المدنيين ببراميل متفجرة (تحوي) تي أن تي وبالقذائف الصاروخية». وأوضح أن استمرار القصف يتزامن مع «حصار محكم يحول دون إدخال مساعدات طبية أو غذائية للحي أو إخراج ما تبقى من المدنيين والجرحى في ظل انقطاع كامل للتيار الكهربائي والمياه ونفاذ المواد الغذائية والطبية في المستشفى الميداني». وفي حلب (شمال) تتعرض أحياء عدة لقصف عنيف لا سيما في جنوبالمدينة، حيث أفاد المرصد أن حي بستان القصر (جنوب) يتعرض لقصف «هو الأعنف حتى الآن منذ بداية الثورة». ونقل مراسل فرانس برس في حلب عن مصدر عسكري أن القوات النظامية استهدفت «برشاشات الدوشكا وبمؤازرة سلاح المدفعية تجمعاً لمسلحي المعارضة في منطقة بستان القصر جنوبالمدينة ومنطقة بستان الزهراء المجاورة لها». كما أفاد المصدر عن قيام «سلاح المدفعية في الجيش السوري باستهداف تجمع كبير لمسلحي المعارضة في محيط جامع جمال في حي الكلاسة (جنوب)». كما تعرضت أحياء المرجة والصالحين والفردوس في جنوبالمدينة للقصف بحسب المرصد. وأفاد مصدر عسكري آخر فرانس برس أن وحدة من الحرس الجمهوري تتابع تقدمها على محور العرقوب - الصاخور شرق المدينة. ونقل سكان في شرق حلب أن القوات النظامية استخدمت سلاح الجو في استهداف تجمع للمقاتلين المسلحين في حي طريق الباب (شمال شرق). وأشار المراسل إلى استمرار انقطاع التيار الكهربائي والمياه عن حي الميدان (وسط) وعدد من الأحياء المجاورة مع عدم تمكن ورش التصليح من الوصول إلى أماكن وجود المحولات. وأفاد المراسل أن مديرية جمارك حلب انتقلت إلى مقر جديد في منطقة السريان القديمة بدلاً من مقرها الرئيسي في منطقة المسلمية (شمال) الذي استهدفه المقاتلون. وفي محافظة حمص (وسط)، أفاد المرصد عن تعرض حي بعلبة في المدينة للقصف، تزامناً مع وقوع اشتباكات في تلبيسة والأطراف الشمالية لمدينة الرستن في ريف حمص. ويأتي هذا التصاعد في أعمال العنف مع إحصاء المرصد السوري سقوط 125 قتيلاً في مناطق سورية مختلفة أول من أمس. وعلى رغم الخسائر والحصار في دمشق وحلب، أدت سيطرة المعارضة السورية المسلحة على موقع حدودي إضافي مع تركيا في شمال سورية إلى تعزيز المكاسب الميدانية الحيوية في مناطق متاخمة لبلد يدعمهم، بحسب خبراء. غير أنهم يخاطرون بالاقتراب من مناطق خاضعة لميليشيات كردية سورية ما قد يفاقم التوتر بين الأكراد ومعارضي الجيش السوري الحر، بحسب أحدهم. وتمكن المعارضون الذين يسيطرون على ثلاث نقاط حدودية على الأقل من أصل سبع مع تركيا من بسط نفوذهم على موقع تل الأبيض بعد يومين من المعارك مع القوات النظامية على ما أعلن مسؤول تركي وأحد عناصر المعارضة في سورية. ونقلت قنوات إخبارية تركية صوراً التقطت من مدينة اكتشاكاليه التركية المجاورة لعلم الثوار مرفوعاً على أحد مباني الجمارك في الجهة السورية. غير أن أحد عناصر المعارضة المسلحة داخل سورية أضاف أن المعارك في جوار الموقع ما زالت تتواصل حيث يسعى الجيش إلى استعادته. وصرح مدير سابق للاستخبارات الفرنسية لفرانس برس: «بالنسبة لأي ثورة، من الجوهري التمكن من الاستناد إلى حدود آمنة مع بلد حليف لإنشاء آليات للتزود بالرجال والأسلحة والمعدات سواء للدخول أو الخروج» من البلاد. وأضاف في اتصال هاتفي من أنطاكية: «هذا كان حال جبهة التحرير الوطني الجزائرية على الحدود التونسية». وأضاف المصدر الذي طلب عدم الكشف عن اسمه: «كلما ازداد اتساع المنطقة الحدودية الصديقة كان الأمر أفضل. على مستوى الاستراتيجية السياسية هذا يظهر كذلك أنهم يسيطرون على منطقة واسعة قد ترمز لمنطقة محررة في نظر المجتمع الدولي». واعتبر فابريس بلانش الخبير في الشؤون السورية في مجموعة الأبحاث والدراسات المتوسطية في الشرق الأوسط في دار الشرق والمتوسط في ليون (فرنسا) أن السيطرة على نقطة تل الأبيض الحدودية «تعكس استراتيجية الثوار في السيطرة على شمال سورية». وأضاف أن عدم إرسال دمشق تعزيزات كبيرة إلى جانب فقدانها السيطرة على مئات الكيلومترات من المنطقة الحدودية مع تركيا «أدلة على قرار الحكومة السورية التخلي عن تلك الثكنات الصغيرة النائية التي يصعب الدفاع عنها وتموينها». كما رأى الخبيران أن الجيش السوري بات في ظل تضاعف الجبهات في البلاد وعدم الوثوق في ولاء جميع جنوده السنة بغالبيتهم، مضطراً إلى تحديد أولويات لعملياته على الأرض ولم يعد قادراً على الرد على جميع هجمات الثوار عبر نشر قوات إضافية. وأشار مسؤول الاستخبارات السابق إلى أنه «بات على الجيش السوري الآن الاختيار». وأوضح أن «الحدود مع تركيا طويلة، والدفاع عنها يتطلب الكثير من الجنود الذين سيضطرون إلى التمركز هناك فيما يحتاج الجيش إليهم في أماكن أخرى». بالتالي يسعى الجيش السوري الحر إلى مضاعفة عدد الجبهات لإجبار الجيش على توسيع رقعة انتشاره أو التخلي عن مناطق بكاملها. وقال بلانش: «منذ بدء الانتفاضة تخلى الجيش عن شمال شرقي سورية حيث الغالبية كردية لمصلحة ميليشيات كردية سورية». وتابع: «بقي بضعة جنود في ثكنات عدد من المدن الكبرى، لكن عددهم قليل جداً ويلازمون ثكناتهم». وأضاف: «مع السيطرة على تل الأبيض يقترب الجيش السوري الحر بشكل خطير من المناطق ذات الغالبية الكردية». وتابع موضحاً: «على رغم إبداء الأكراد حتى الآن نوعاً من الحياد واكتفائهم بالسيطرة على مناطقهم فان تقدم الجيش السوري الحر بهذا الشكل سيزيد التوتر. سبق أن حصلت مواجهة مسلحة فقد فيها الجيش السوري الحر رجالاً».