اعتبرت الحكومة العراقية زيارات مسؤولين أميركيين مسألة «طبيعية» للبحث في الاتفاق الاستراتيجي المبرم بين البلدين، وأكد أن البيت الأبيض يدعم الدور الإقليمي للعراق، خصوصاً في ما يتعلق بالأزمة السورية. إلى ذلك، حذر رئيس الوزراء نوري المالكي بعد لقائه وفد الكونغرس من خطورة الأوضاع التي تمر بها المنطقة. وكانت مساعدة وزير الخارجية الأميركية لشؤون الشرق الأدنى إليزابيث جونز وصلت إلى بغداد الأحد الماضي لتفعيل الاتفاق الاستراتيجي، وبدأ وفد من الكونغرس الثلثاء زيارة لبغداد تستغرق أياماً، ورجحت مصادر مطلعة زيارة قريبة لنائب الرئيس جو بايدن. وأفاد بيان لمكتب رئيس الوزراء أمس أن «المالكي أكد خلال استقباله مساء الثلثاء وفداً من الكونغرس ضم السيناتور جون ماكين والسيناتور جوزيف ليبرمان والسيناتور ليندزي غراهام، خطورة الأوضاع الجارية في المنطقة، وأن طبيعة العلاقات بين العراق والولاياتالمتحدة تتطلب المزيد من التنسيق والتشاور». ونقل البيان عن المالكي قوله أن «بدل أن تتركز جهودنا على عملية التنمية وتطوير البلاد فقط، أصبحنا نفكر، إضافة إلى ذلك، في كيفية تجنيب العراق المخاطر المحدقة به». وزاد أن «العراق انتهج سياسة عدم التدخل في شؤون الآخرين ومد يد الصداقة إلى البلدان التي تحترم سيادتنا ولا تتدخل في شؤوننا الداخلية». وأضاف أن «تجارب الشعوب تتشابه ولكنها لا تستنسخ فلكل بلاد ظروفها الخاصة التي تجب مراعاتها». وأشار إلى أن «وقوف العراق إلى جانب حق الشعوب في الكرامة والحرية لا يعني عدم الالتفات إلى المخاطر التي يمكن أن يؤدي إليها أي عمل غير مدروس ولا محسوب النتائج». وشدد على ضرورة «الاتجاه إلى الحلول السلمية المبنية على نبذ العنف والقتل والتدمير من أي جهة كانت». ودعا إلى ضرورة «تكثيف جهود المجتمع الدولي من أجل التقارب والحد من الانقسام الحاصل حول بعض قضايا المنطقة، لا سيما الأزمة في سورية التي تحتاج إلى تفاهم بين حلفاء النظام وحلفاء المعارضة من أجل التوصل إلى حلول سلمية يمكن أن تجنب سورية المزيد من المآسي والكوارث». وتابع أن العراق «الذي قدم مبادرة محددة يضع كل إمكاناته من أجل إنجاح أي مجهود ينقذ سورية من الوضع الحالي ويضعها على طريق الحل الحقيقي». أما أعضاء الكونغرس الأميركي فشددوا على «ضرورة استمرار التواصل والتشاور بين البلدين في مختلف القضايا والتحديات التي تواجهها المنطقة وشددوا على استعدادهم لتقوية هذه العلاقات»، مؤكدين، على ما جاء في البيان الحكومي «تقارب وجهات النظر مع ما قدمه رئيس الوزراء لمجريات الأوضاع في المنطقة»، معربين عن «قلقهم من التطورات الجارية في دول وصفوها بأنها محتقنة ومتوترة أكثر من أي وقت مضى، كما أعربوا عن إعجابهم بما قطعه العراق من أشواط في طريق إعادة البناء والإعمار». وأشار الوفد الأميركي إلى أن «العراق يمكن أن يكون له دور مؤثر في حل المشاكل والتوترات الموجودة لما انتهجه من سياسة متميزة». والتقى الوفد امس برئيس البرلمان أسامة النجيفي وبحث معه في «مستجدات الأزمة السورية وانعكاساتها على مجمل الأوضاع السياسية والاجتماعية داخل العراق ومدى خطورتها، بعد أن ازدادت تعقيداً وأخذت منحى ينذر بصراعات حادة غير محمودة العواقب». وأوضح علي الموسوي، المستشار الإعلامي لرئيس الوزراء، أن «محادثات وفد الكونغرس ومن قبلها مساعدة وزيرة الخارجية لم تتطرق إلى المشكلات السياسية العراقية لأنها شأن داخلي». وأكد في تصريح إلى «الحياة» أن «معظم النقاشات كانت حول الأوضاع في المنطقة، خصوصاً الأزمة السورية، مشيراً إلى أن «الإدارة الأميركية أقرت بأن الموقف العراقي يسعى إلى الحل وليس طرفاً في النزاع وهي تحاول تفعيل ودعم الدور الإقليمي العراقي». وأضاف الموسوي أن «الزيارات تعتبر طبيعية في ظل الاتفاق الاستراتيجي الذي يربط البلدين ولا توجد هناك أي مساومات أو اتفاقات غير معلنة». ونفى بشدة الأنباء التي تحدثت عن تغير الموقف العراقي من النظام السوري مقابل دعم الولاياتالمتحدة لموقف الحكومة المركزية في الأزمة مع إقليم كردستان. وقال: «لا مساومات، والدعم الأميركي في مجال التسليح أو في النفط أتي منسجماً مع القوانين والاتفاقات النافذة». وشدد على أن «الموقف العراقي من سورية لن يتغير وهو يدعو إلى التسوية السلمية وهناك مبادرة عراقية طرحتها الحكومة على الأطراف الدولية والإقليمية». وكانت الولاياتالمتحدة دعت الشركات إلى ضرورة التنسيق مع الحكومة المركزية قبل إبرام أي عقد أو اتفاق في مجالات النفط والغاز مع إقليم كردستان، كما أعلنت نيتها الإسراع في تسليح الجيش، ما أثار حفيظة الأكراد. إلى ذلك قال ممثل العراق لدى الجامعة العربية السفير قيس العزاوي أمس إن «وزير الخارجية رأس لجنة المتابعة المنبثقة من قمة بغداد، خلال اجتماع وزارء الخارجية العرب في القاهرة إضافة إلى أنه سيكون عضواً في اللجنة الوزارية الخاصة بمعالجة الأزمة السورية برئاسة قطر، وسيقدم مبادرته التي طرحها في قمة عدم الانحياز».