بعد توحيد العاصمة القديمة الجديدةبرلين بشطريها الشرقي والغربي عام 1990، كان عليها مواجهة تحديات كثيرة وكبيرة، أهمها كيفية النهوض مجدداً لبناء مدينة قادرة على التنافس مع المدن الأخرى القوية اقتصادياً، مثل فرانكفورت وميونيخ وهامبورغ ودوسلدورف، خصوصاً أنها الأكبر مساحة وكثافة سكانية. وعلى مدى أكثر من عقدين من الوحدة، و13 سنة تقريباً كعاصمة سياسية لألمانيا مجدداً، ازدادت أهمية برلين الاقتصادية والاستثمارية تدريجاً، إلى جانب تميزها بأهمية ثقافية وفنية مشهودة. وأصبحت العاصمة اليوم محط أنظار رجال الأعمال والسياح والمستثمرين. وواقع الأمر ان برلين تُعتبر اليوم من أكثر المدن الألمانية والأوروبية جذباً للسياح، ما جعل السياحة عاملاً اقتصادياً مهماً لقطاع كبير من سكانها. ومنذ سنوات تشكل برلين مع بوتسدام، عاصمة ولاية براندنبورغ التي تحيط بها جغرافياً وتضم أضخم استديوات تصوير سينمائي فيها، عاصمة صناعة السينما في البلاد، خاطفة بذلك الأضواء من ميونيخ التي كانت تحتل هذا الموقع قبل الوحدة. وذكر استطلاع أعدّه معهد «فورزا» الألماني لبحوث الرأي العام في حزيران (يونيو) الماضي، ان برلين باتت المدينة الألمانية الأهم لرجال الأعمال والراغبين في دخول المعترك الاقتصادي من الشباب. وينطلق هؤلاء، من ان المدينة «تتميز بمعالم مستقبلية مهمة تجعل منها منطقة موعودة». وقال 61 في المئة من المستطلعين الألمان خصوصاً الشباب دون الثلاثين، ان ما توفره برلين اليوم من إمكانات «يوازي ما تؤمنه مدن ألمانية أخرى، أو حتى أفضل منها». واعتبر المعهد ان نتيجة الاستطلاع «تعكس تحولاً واضحاً في النظرة إلى برلين، على رغم استمرار ضعف قوتها الاقتصادية مقارنة بمدن أخرى، لكن المدينة تشهد تطوراً دينامياً منذ سنوات». ولفت إلى ان الاقتصاد في برلين «ينمو بوضوح وفرص العمل تتزايد، كما أنها تستقطب زواراً دوليين. وأشار إلى ان آلاف الشركات والمؤسسات الألمانية والأجنبية الكبيرة والمتوسطة فتحت مكاتب وفروعاً أو مراكز فيها، بهدف إثبات الوجود وتعزيز القدرة التنافسية. وأعلن الأمين العام لجمعية تجار برلين أودو مارين الذي كلف معهد «فورزا» إعداد الاستطلاع، ان المدينة أصبحت في السنوات الأخيرة «عاصمة أوروبا في مجال الابتكار». ويتماشى هذا الاستنتاج مع دراسة وضعها معهد البحوث الاقتصادية «دي إي في» الألماني عام 2009 مؤكداً ان عدد الفنانين الخلاقين والمبتكرين في برلين «طغى على أعدادهم في كل من هامبورغ وكولونيا ودوسلدورف وشتوتغارت وميونيخ».