فرض الرئيس المصري محمد مرسي نفسه «نجماً» لليوم الأول من القمة ال16 لحركة عدم الانحياز التي تستضيفها طهران، إذ اعتبر مساندة الشعب السوري في «ثورته ضد نظامه الظالم، واجباً أخلاقياً وضرورة استراتيجية». وخلال إلقاء مرسي خطابه، غادر الوفد السوري القاعة، احتجاجاً على كلامه الذي «يُعبّر عن رئيس حزب، ويحرّض على سفك الدم السوري». وكرّر مرشد الجمهورية الاسلامية في ايران علي خامنئي نفيه سعي بلاده الى صنع سلاح نووي، وتمسكها ببرنامجها النووي، كما وصف مجلس الأمن بأنه «ديكتاتورية علنية»، فيما حضّ الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون طهران على إثبات «الطابع السلمي لبرنامجها النووي»، محذراً من أن «التهديدات الاستفزازية قد تتطوّر الى دوامة عنف». كما انتقد تصريحات قادتها ضد إسرائيل. وأفاد موقع «بيك إيران» بأن طهران خصصت موازنة تتعدى 600 مليون دولار لاستضافة القمة. خامنئي وقال خامنئي: «ما زالت المبادئ والأهداف الأصلية لحركة عدم الانحياز، حيّة على رغم مرور ستة عقود»، معتبراً أن «العالم يمرّ بمنعطف تاريخي مهم جداً، ويُتوقع ولادة نظام جديد. ويمكن دول عدم الانحياز التي تضمّ نحو ثلثي المجتمع الدولي، ممارسة دور ضخم في صوغ المستقبل، وممارسة دور تاريخي لإنقاذ العالم من الحروب والهيمنة وانعدام الأمن». ورأى أن «الظروف الراهنة في العالم، فرصة قد لا تتكرّر للحركة، وغرفة عمليات العالم يجب ألا تُدار بديكتاتورية دول غربية»، وزاد: «مجلس الأمن ذو بنية وآليات غير منطقية وغير عادلة وغير ديموقراطية. هذه ديكتاتورية علنية ووضع قديم منسوخ انقضى تاريخ استهلاكه. واستغلت أميركا وأعوانها هذه الآليات المغلوطة، فاستطاعت فرض تعسّفها على العالم بمظهر المفاهيم النبيلة. (الولاياتالمتحدة) تتحدث عن حقوق الإنسان، وتعني بذلك المصالح الغربية. وتتحدث عن الديموقراطية، وتعني بذلك التدخل العسكري في الدول الأخرى. يجب تشكيل وتأمين مشاركة ديموقراطية عالمية، على صعيد الإدارة الدولية». وأشار خامنئي الى أن «السلاح النووي لا يضمن الأمن ولا يكرّس السلطة السياسية، بل هو تهديد للأمرين»، مضيفاً: «تعتبر إيران استخدام الأسلحة النووية والكيماوية وأمثالها، ذنباً كبيراً لا يُغتفر. أطلقنا شعار «شرق أوسط خال من السلاح النووي»، ونلتزمه. وهذا لا يعني صرف النظر عن حق الاستفادة السلمية من الطاقة النووية». وزاد: «أؤكد أن إيران لا تسعى أبداً الى التسلح النووي، كما لن تصرف النظر أبداً عن حق شعبها في الاستخدام السلمي للطاقة النووية. شعارنا هو: الطاقة النووية للجميع، والسلاح النووي ممنوع على الجميع. وسنصرّ على ذلك». وذكّر ب «تجربة ثلاثة عقود من الصمود الناجح إزاء التعسّفات والضغوط الشاملة لأميركا وحلفائها»، مشدداً على أن «حالات الحظر (العقوبات) التي سمّاها الهاذرون باعثة على الشلل، لم تبعث على شللنا ولن تبعث عليه، بل رسّخت خُطانا، وعلّت من هممنا، وعمّقت ثقتنا بصحة تحليلاتنا وبقدرات شعبنا». وتطرّق إلى «قضية فلسطين المؤلمة»، لافتاً الى أن «أسماء مثل صبرا وشاتيلا وقانا ودير ياسين، مسجّلة في تاريخ منطقتنا بدماء الشعب الفلسطيني المظلوم. وبعد 65 سنة، تتواصل الجرائم ذاتها في سلوكيات الذئاب الصهيونية الضارية»، مكرراً اقتراحاً لطهران لتسوية «عادلة وديموقراطية تماماً»، من خلال «مشاركة كل الفلسطينيين، مسلمين ومسيحيين ويهود، في استفتاء عام بإشراف دقيق وموثوق، فينتخبون البنية السياسية للبلاد... ثم يضعون دستوراً وينظمون انتخابات. وعندها سيعمّ السلام». ورأى «فرصة كبيرة في سقوط المستبدين التابعين لأميركا، والصحوة الإسلامية في بلدان المنطقة». مرسي وألقى مرسي خطاباً، سلّم خلاله رئاسة الحركة الى ايران، لكنه ركّز على الوضع في سورية، بقوله: «الثورة المصرية مثّلت حجر الزاوية في حركة «الربيع العربي»، ونجحت في تحقيق أهدافها السياسية لنقل السلطة الى حكم مدني». واعتبر أن «الثورة في سورية ضد النظام الظالم»، مضيفاً: «نزيف الدم في سورية في رقابنا جميعاً، وعلينا أن ندرك أن هذا الدم لا يمكن أن يتوقف من دون تدخل فاعل منا جميعاً». ودعا الى التضامن «مع نضال أبناء سورية، ضد نظام قمعي فَقَدَ شرعيته»، معتبراً ذلك «واجباً أخلاقياً وضرورة استراتيجية». وأضاف: «علينا جميعاً أن نعلن دعمنا الكامل غير المنقوص لكفاح طلاب الحرية والعدالة في سورية، وأن نترجم تعاطفنا هذا الى رؤية سياسية واضحة تدعم الانتقال السلمي الى نظام حكم ديموقراطي يعكس رغبات الشعب السوري في الحرية». وشدد مرسي على أن مصر «على أتمّ الاستعداد للتعاون مع كلّ الأطراف، لحقن الدماء في سورية، وتدعو الأطراف الفاعلين الى اتخاذ مبادرتها لوقف نزيف الدم، وإيجاد تسوية للأزمة». وأثناء إلقاء مرسي خطابه، غادر الوفد السوري قاعة المؤتمر، ونقل التلفزيون السوري عن وزير الخارجية وليد المعلم أن وفد بلاده انسحب «احتجاجاً على مضمون كلمة مرسي الذي يمثّل خروجاً عن تقاليد رئاسة القمة ويُعتبر تدخلاً في الشؤون الداخلية لسورية، ورفضاً لما تضمنته الكلمة من تحريض على استمرار سفك الدم السوري». ونقلت قناة «العالم» الايرانية عن المعلم أن مرسي «خرج عن تقاليد حركة عدم الانحياز، وكلامه عن سورية يُعبّر عن رئيس حزب، لا رئيس حركة عدم الانحياز». وأعلن حسين أمير عبداللهيان نائب وزير الخارجية الايراني ان الرئيس محمود احمدي نجاد ومرسي ناقشا في اجتماع أمس، «الأزمة السورية والعلاقات الثنائية» المقطوعة منذ أكثر من 3 عقود. وأضاف أن الرئيسين «شددا على ضرورة تسوية الأزمة السورية بالسبل الديبلوماسية، ومنع أي تدخل أجنبي» على أراضيها. وزاد أنهما «بحثا أيضاً في سبل رفع مستوى العلاقات الديبلوماسية بين البلدين». وغادر مرسي طهران، بعد لقائه نجاد. واحتفت ايران بمرسي، اذ إنه أول رئيس مصري يزورها منذ الثورة العام 1979. وبثّ التلفزيون الايراني لقطات حية لاستقبال رسمي لمرسي، في مطار مهرآباد في طهران. وتطرّق نجاد في خطابه أمام القمة، الى «تمتع بعض المجموعات الرأسمالية، بكل ثروات العالم، وسيطرتها على مراكز الاقتصاد الدولية»، مضيفاً: «يستعد الشعب الايراني الكبير لإصلاح الإدارة الدولية وإحلال الادارة الصالحة في العالم، بدل الادارة الحالية». بان الى ذلك، حضّ بان ايران على ان «تلتزم بالكامل بقرارات مجلس الأمن ذات الصلة، وأن تتعاون بعمق مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية». وأضاف في خطاب أمام القمة: «أطلب بإلحاح من الحكومة الايرانية، اتخاذ التدابير اللازمة لإعادة الثقة الدولية بالطابع السلمي المحض لبرنامجها النووي». ودعا قادة «كل الأطراف» في الملف النووي الايراني، الى «وقف التهديدات الاستفزازية التي قد تتطور سريعاً الى دوامة عنف». وندد بتصريحات قادة ايرانيين مناهضة لإسرائيل، قائلاً: «أرفض بحزم أي تهديد من دولة عضو (في الأممالمتحدة) بتدمير اخرى، او تعليقات مهينة تنكر حقائق تاريخية مثل المحرقة». وأضاف: «القول إن دولة أخرى عضو في الأممالمتحدة ليس لها الحق في الوجود، او وصفها بعبارات عنصرية، ليس فقط سيئاً بل يهدد أيضاً المبادئ التي التزمنا الدفاع عنها». وكان بان حضّ ايران خلال لقائه خامنئي الأربعاء، على «اتخاذ تدابير ملموسة لتبديد قلق الوكالة الذرية، ولتثبت للعالم ان أهداف برنامجها النووي سلمية»، كما قال الناطق باسمه مارتن نيسيركي. ودعا بان الى «احترام الحقوق المدنية والسياسية الأساسية» للايرانيين، وناشد طهران «استخدام نفوذها لإبلاغ المسؤولين السوريين ضرورة وضع حد عاجل للعنف وتوفير ظروف لحوار فعلي» بين النظام ومعارضيه، معتبراً ان «لإيران دوراً مهماً تؤديه ولتكون جزءاً من الحل» في الأزمة. في المقابل، أعلن خامنئي «استعداد إيران لبذل كلّ جهد، على أساس معتقداتها ومبادئها الدينية، لتسوية الأزمة في سورية»، مضيفاً: «هذه الحرب بالوكالة، هي حقيقة الأزمة السورية، وتسويتها تتطلب شيئاً واحداً، هو منع إرسال أسلحة إلى الجماعات في سورية». إسرائيل الى ذلك، انتقد رئيس الوزراء الاسرائيلي بنيامين نتانياهو مصافحة بان كي مون قادة ايرانيين، مضيفاً: «أكثر من 120 دولة تجتمع في طهران وتشيد بنظام لم ينكر حصول المحرقة فقط، بل تعهّد القضاء على الدولة اليهودية ومعاملة شعبها بوحشية، مع مشاركته في قتل آلاف من السوريين الأبرياء». ورأى في ذلك «عاراً على الإنسانية».