فاجأ الرئيس المصري محمد مرسي الجميع أمس عندما ألغى الاعلان الدستوري المكمل الذي كان يمنح قادة الجيش صلاحيات واسعة على حسابه، ما مكنه من إجراء تغييرات جذرية في تركيبة القيادة العسكرية، أبرزها إحالة وزير الدفاع المشير حسين طنطاوي ونائبه الفريق سامي عنان على التقاعد. وأصدر مرسي إعلاناً دستورياً جديداً ينص على ممارسته الصلاحيات الكاملة التي نص عليها الإعلان الدستوري الذي أصدره المجلس العسكري في آذار (مارس) 2011، بما فيها سلطة التشريع، كما استرد من الجنرالات حق تشكيل جمعية تأسيسية جديدة لوضع الدستور في حال أبطلت الجمعية الحالية التي انتخبها البرلمان المنحل. وقرر مرسي ترقية مدير الاستخبارات الحربية اللواء عبدالفتاح السيسي إلى رتبة فريق أول وتعيينه وزيراً للدفاع والانتاج الحربي، كما قرر ترقية قائد الجيش الثالث الميداني اللواء صبحي صادق إلى رتبة فريق وتعيينه رئيساً لأركان الجيش. وقرر تعيين نائب رئيس محكمة النقض السابق القاضي محمود مكي نائباً لرئيس الجمهورية. وشملت القرارات أيضاً تعيين عضو المجلس العسكري اللواء محمد العصار المعروف بأنه المسؤول عن العلاقات مع الجيش الأميركي، مساعداً لوزير الدفاع الجديد. وعيّن مرسي المطاح بهم من قادة الجيش في مناصب شرفية، فسمى طنطاوي مستشاراً له ومنحه قلادة النيل، كما عين عنان مستشاراً له أيضاً ومنحه قلادة الجمهورية. وعين أيضاً قائد قوات الدفاع الجوي اللواء عبدالعزيز سيف الدين الذي أحاله على التقاعد، رئيساً ل «الهيئة العربية للتصنيع»، كما أحال قائد القوات البحرية الفريق مهاب مميش على التقاعد وعينه رئيساً لهيئة قناة السويس، وعين قائد القوات الجوية المُحال على التقاعد الفريق رضا حافظ وزيراً للدولة للانتاج الحربي. ويحكم الرئيس بهذه القرارات قبضته على الجيش والتشريع لحين انتخاب برلمان جديد وكذلك على وضع الدستور الجديد. وتأتي تلك القرارات متزامنة مع عمليات يقوم بها الجيش في سيناء رداً على هجوم قُتل خلاله 16 جندياً في رفح، كما أنها تأتي قبل أسبوعين من تظاهرات يدعو إليها قريبون من الجيش تحت عنوان «مليونية اسقاط حكم الإخوان». وحل قرار مرسي عملياً المجلس العسكري الذي كان الإعلان الدستوري المكمل حصن تشكيلته الحالية. وسارعت قوى إسلامية وثورية إلى الترحيب بالقرارات، معتبرة أنها «تكريس للسلطة المنتخبة وانهاء لازدواجية السلطة»، فيما استخدمها معارضون لمرسي في دعايتهم ضد «السيطرة على مفاصل الدولة وأخونة الجيش». وكان الناطق باسم الرئاسة ياسر علي أعلن أن مرسي أصدر إعلاناً دستورياً جديداً يتضمن في مادته الأولى إلغاء الإعلان الدستوري الذي كان أصدره المجلس العسكري في 17 حزيران (يونيو) الماضي. أما المادة الثانية، فنصت على ممارسة الرئيس «كامل الاختصاصات المنصوص عليها في المادة 56» من الإعلان الدستوري الصادر العام الماضي، وهي المهام التي كان يمارسها المجلس العسكري ثم نقل منها التشريع وإقرار الموازنة إلى البرلمان قبل ان يستردهما قبل حله. وبخلاف التشريع وإقرار الموازنة، تنص المادة 56 على صلاحيات أبرزها «دعوة مجلسي الشعب والشورى إلى الانعقاد» و «تعيين الموظفين المدنيين والعسكريين والممثلين السياسيين وعزلهم»، إضافة إلى نص فضفاض عن «السلطات والاختصاصات الأخرى المقررة لرئيس الجمهورية بمقتضى القوانين واللوائح». ونصت المادة الثالثة من الإعلان الدستوري الذي صدر أمس على أنه «إذا قام مانع يحول دون استكمال الجمعية التأسيسية (للدستور) عملها، شكل رئيس الجمهورية خلال 15 يوماً جمعية تأسيسية جديدة تمثل أطياف المجتمع المصري بعد التشاور مع القوى الوطنية لإعداد مشروع الدستور الجديد خلال ثلاثة أشهر من تاريخ تشكيلها ويعرض مشروع الدستور على الشعب لاستفتائه في شأنه خلال 30 يوماً من تاريخ الانتهاء من إعداده وتبدأ إجراءات الانتخابات التشريعية خلال شهرين من تاريخ إعلان موافقة الشعب على الدستور الجديد». في غضون ذلك، قُتل أمس ستة مسلحين وأصيب سابع بعدما هاجمت قوات الجيش بالصواريخ منزلاً كانوا يقطنون به، فيما قتل ثلاثة جنود وأصيب ثلاثة بينهم ضابط انقلبت بهم سيارة خلال مطاردة دراجة نارية كان يستقلها مسلحان اطلقا النار على مكمن في سيناء. ووصلت أمس إلى سيناء تعزيزات عسكرية جديدة شملت 100 ضابط وجندي و28 سيارة تحمل على متنها صواريخ ومنصات إطلاقها و25 دبابة، في حين يتم التحقيق مع سبعة اشخاص اعتقلوا للاشتباه بضلوعهم في الهجوم على مكمن رفح الأسبوع الماضي. وذكر مسؤول عسكري أن السلطات المصرية «تنسق مع حركة حماس التي تسيطر علي قطاع غزة وتتبادل معها المعلومات باستمرار لاستكمال التحقيقات في الهجوم». وقال إن «أجهزة الاستخبارات قامت بالتعاون مع شيوخ القبائل في سيناء بحصر شامل للأشخاص الذين اختفوا عقب الحادث حتى يتم أخذ عينات من ذويهم لمطابقتها مع جثث منفذي الهجوم». وأضاف أن «خيوط الكشف عن هويتهم بدأت تتضح لدى الأجهزة الأمنية».