أكد المشرف العام على مشروع الأولمبياد الدولي في مؤسسة الملك عبدالعزيز ورجاله للموهبة والإبداع (موهبة) الدكتور عبدالعزيز الحارثي، أن فوز طلاب سعوديين في أولمبياد الرياضيات الدولي الذي أقيم في الأرجنتين وأولمبياد الفيزياء الدولي الذي أقيم في أستونيا أخيراً، كان نتيجة تدريب نوعي أسهم فيه خبراء سعوديون ودوليون، مشيراً إلى أن من أهداف «موهبة» تطوير طرق تدريس الرياضيات والفيزياء والكيمياء في مراحل التعليم العام.وقال الحارثي ل«لحياة»: «تكتسب الأولمبيادات الدولية أهميتها من كونها أكبر مسابقات سنوية يشارك فيها أكثر من 80 دولة، من بينها الدول العظمى والصناعية المتقدمة، ليتنافس فيها طلاب التعليم العام من هذه الدول، ونجح طلابنا هذا العام في الفوز بميداليتين فضيتين وثلاث برونزيات في أولمبياد الرياضيات الدولي، وبرونزية واحدة و3 شهادات تقدير في أولمبياد الفيزياء الدولي، وهي المرة الأولى التي يحصل فيها طالب عربي على ميدالية في هذه المسابقة». ولفت إلى أن الأولمبيادات الدولية للرياضيات والفيزياء والكيمياء هي مسابقات علمية عالمية تخصصية، تُقام سنوياً في دول مرشحة لذلك مسبقاً، بمشاركة عدد محدود من الطلاب من كل دولة، وتتضمن المسابقة إجراء اختبارات صعبة جداً، ولا يستطيع أي طالب مهما كانت درجة ذكائه أن يقوم بحلها من دون أن يكون نال قسطاً كبيراً من التدريب النوعي والخاص بمهارات حل المسائل، التي تقوم بمجملها على مهارات التفكير الناقد العليا وإدارة الوقت، ولهذا استعانت «موهبة» بمدربين محليين ودوليين أكدوا أن الطلاب السعوديين يحتاجون إلى طريقة التفكير النقدي وليس حفظ المعلومة. وأضاف أن مشاركات السعودية في الأولمبيادات الدولية بدأت منذ عام 2002 حتى 2008، ولكنها كانت مشاركات متواضعة، ما حدا بوزارة التربية والتعليم لعقد شراكة استراتيجية مع مؤسسة الملك عبدالعزيز ورجاله للموهبة والإبداع «موهبة»، مشيراً إلى أن «موهبة» اتخذت قراراً شجاعاً في حينه بتوقف المشاركات التمثيلية، وكان حضور السعودية لعام 2009 بصفة مراقب في أولمبياد الرياضيات الدولي، و2010 في كل من أولمبيادي الكيمياء والفيزياء، وخصصت تلك الفترة للبحث عن ركائز تقدم الدول، ووجدت أن أهم ركيزتين تقوم عليها نجاحات الدول هي في اختيار جيد للطلاب، وفي تدريب نوعي لهم، وبدأ الاستعداد باستقطاب الكوادر المحلية والدولية التي لها خبرة وباع في مثل هذه المسابقات، واستمرت عملية البحث لاختيار الطلاب الذين يستطيعون خوض غمار هذه المسابقة.وأوضح أن اختيار المتأهلين إلى الأولمبيادات يتم وفق خطة استراتيجية ممنهجة يشترك فيها أطراف مجتمعية عدة ذات صلة، لإكساب الطلبة المهارات العلمية والتفكيرية والتحصيلية المتقدمة المطلوبة للمشاركة بهذه المسابقات، وتبدأ على نطاق واسع بتدريب المناطق التعليمية في السعودية، بحيث يتم تدريب أكفأ المعلمين والمعلمات تميزاً في مادتهم (الرياضيات-الفيزياء-الكيمياء) ليدربوا بالتالي مجموعة من الطلبة المختارين خارج أوقات الدوام المدرسي، على أن يتم لاحقاً عقد تصفيات محلية على آلاف الطلاب والطالبات، لتكوين فريق طلابي (بنين-بنات) يشكل أفضل الطلبة المحتملين للمشاركة الدولية لعام التدريب الحالي، ويستمر مشوار تدريبهم لاحقاً عبر إقامة ملتقيات تدريبية عدة متخصصة ونوعية وعلى فترات متقاربة، يشرف عليها فريق الأولمبيادات الدولية، وينفذها أعضاء هيئة التدريس الأكاديميين من مختلف جامعات السعودية جنباً إلى جنب مع خبراء دوليين عريقين في مجال التدريب الأولمبيادي واستراتيجياته، يلي ذلك تدريب مكثف يستمر يومياً خلال الفصل الدراسي الثاني على يد خبير أجنبي متخصص بمثل ذلك، وبإشراف ومتابعة مباشرة من فرق الأولمبيادات السعودية الدولية الثلاث، وصولاً إلى تفريغ الفريق الطلابي النهائي قبل نهاية العام الدراسي تماماً للتدريب الأولمبيادي، لإتمام الاستعداد للمشاركة الأولمبيادية الدولية. «موهوبون » إلى جامعة MIT تطرق الدكتور عبدالعزيز الحارثي إلى أن السعودية تهدف من خلال المشاركة في الأولمبيادات الدولية، إلى تهيئة مشاريع علماء مستقبليين يلتحقون بأكبر جامعات العالم، وتطوير طرق تدريس الرياضيات والفيزياء والكيمياء في مراحل التعليم العام، وتنمية الحس المهني والاتجاهات الإيجابية للتخصص المستقبلي في مجالات الرياضيات والعلوم، والتقدم المطرد في تحقيق نتائج متقدمة للمملكة في هذه المسابقات الدولية على مر الأعوام لجهة نوع الميداليات وترتيب السعودية بين الدول المتنافسة. وقال الحارثي: «لا نماري إذا وصفنا مشاركة الطلاب الأولمبيادية بنقطة تحول تستثير منابع التفكير المبدع بعقولهم لتظل متقدة لا تخبو شعلتها، ولا يرتضوا بعد ذلك في مسيرة حياتهم بأقل مما عاشوه وحققوه في المسيرة الأولمبيادية»، مضيفاً أن نسبة كبيرة جداً من الذين يشاركون في مثل هذه المسابقات يضعون أول قدم لهم على سلم الإبداع العلمي والتحول من مجرد خريج يحمل درجة علمية حتى ولو كانت درجة عالية إلى عالم حقيقي لا يسجل اسمه فقط في قوائم العلماء بل يسجل اسم بلده أيضاً. وتابع: «نحن لسنا بعيدين عن تحقيق مثل هذه الأحلام المشروعة، فطلابنا من الأعوام السابقة يدرسون الآن في أحسن جامعات العالم وأقواها بداية من MIT إلى كورنيل ووبيركلي وغيرها، وهناك تكامل مع جامعة الملك عبدالله للعلوم والتقنية KAUST لاحتضان هذه المواهب بعد الثانوية، وينتظرهم جميعاً مستقبل»، لافتاً إلى أن طالبين حققا ميداليتين برونزيتين في أولمبياد 2010 تم قبول أحدهما في جامعة MIT، والآخر في تخصص الحاسب الآلي في University College of London، كما تم العام الماضي قبول 4 طلاب سعوديين في MIT.