دهمه ألم مفاجئ في الخاصرة لم يعهد له مثيلاً من قبل. أخذ يتلوى من شدة الألم الذي راح ينتشر إلى أسفل الظهر وأعلى الفخذ. حاول أن يتخذ أوضاعاً معينة علّ الوجع يركن بعض الشيء. كل محاولاته لم تجد نفعاً. تصبب جسمه بالعرق وأخذ يشعر بالغثيان ثم بدأ يستفرغ. أمام هذه الصورة الدراماتيكية نقله أهله بسرعة إلى المستشفى. خضع للفحص الطبي. وقرر الطبيب المعالج أن يحقنه بأحد المسكنات لتركين الألم. بعد دقائق اختفى الوجع. أجريت للمريض بعض الفحوص الشعاعية. النتائج كشفت عن وجود حصية في حالب الكلية اليمنى. يمكن للحصيات أن تتشكل في أماكن عدة في الجسم مثل الكلية، والمرارة، والغدد اللعابية. ونعرض هنا أسباب هذه الحصيات وكيفية الوقاية منها: حصيات الكلية: - الأسباب: غير معروفة بدقة، لكن هناك عوامل تلعب دورها في نشوء الحصيات، ومنها: 1- الوراثة، فبعض الناس أكثر تعرضاً للإصابة بالحصيات من غيرهم. 2- زيادة مستوى الكالسيوم في الدم. 3- الالتهابات المتكررة في الجهاز البولي. 4- النظام الغذائي الغني بالكلس ومركبات الأوكزالات، وهو يلعب دوره فقط لدى الأشخاص الذين يملكون استعداداً لتشكل الحصيات. 5- العامل الجغرافي، فسكان المناطق الحارة هم أكثر تعرضاً من غيرهم للحصيات الكلوية بسبب الجفاف وزيادة تركيز البول. 6- استعمال بعض الأدوية مثل مدرات البول، ومضادات الحموضة. 7- استعمال الفيتامين دي بكثرة. 8- زيادة حموضة أو قلوية البول. 9- ارتفاع نسبة حامض البول في الدم. كيف تتظاهر حصيات الكلية؟ قد تبقى حصيات الكلية صامتة من دون عوارض تذكر، وكثيراً ما تكتشف بالصدفة بعد الفحوص الشعاعية التي تجرى على الجهاز البولي. وإذا أفصحت الحصيات عن وجودها فإن المصاب يعاني من مجموعة من العوارض من بينها الألم الشديد المفاجئ في الخاصرة وأسفل البطن، خصوصاً عندما تتحرك الحصاة في المجاري البولية، وقد يترافق الألم مع الغثيان والتقيؤات. وإذا كبرت الحصاة أو تحركت فإنها قد تسبب النزف ويظهر الدم في البول. أما في شأن علاج الحصاة فهناك بضع طرق للعلاج يختار الطبيب الأنسب منها لمريضه. الوقاية: إن أهم ما يجب عمله على هذا الصعيد هو تغيير نمط الحياة من أجل ضمان تدفق البول باستمرار ومنع تجمع البلورات الصغيرة التي تشكل نواة الحصاة، وخير ما يمكن فعله على هذا الصعيد هو تناول كميات كبيرة من الماء على مدار اليوم. أيضاً، قد ينصح الطبيب بناء على التحاليل والمعطيات التي في حوزته بتجنب بعض أنواع المشروبات والأغذية، وربما وصف بعض العقاقير التي تقلل من تركيز بعض الأملاح في البول. حصيات المرارة. وهي الأخرى قد تكون صامتة، فغالبية الأشخاص لا يعرفون بوجودها إلا بالصدفة أثناء عمل الفحص بالأمواج فوق الصوتية أو بالتصوير الطبقي المحوري. وتلوح عوارض الحصيات في الأفق عندما تتسلل هذه الحصيات إلى القناة الصفراوية أو تعمل على إغلاقها، فعندها يحدث ما يعرف بالنوبة المرارية التي تظهر غالباً بعيد تناول وجبة عارمة بالمواد الدسمة. ويكون الألم في النوبة الكلوية العارض المرئي، ويتموضع الألم في الزاوية العلوية اليمنى من البطن، وفي بعض الأحيان قد ينتشر نحو الظهر أو إلى الكتف اليمنى، وتزداد حدته مع مرور الوقت، وقد يلزم الألم صاحبه ساعات عدة. وفي غالب الأحيان يترافق ألم المرارة مع الغثيان والتقيؤات. وحصيات المرارة قد تكون بحجم حبة الرمل، أو قد تبلغ حجم طابة الغولف. وتتألف معظم حصيات المرارة من مادة الكوليسترول، أما النسبة الباقية منها فتتألف من أملاح الكالسيوم والبيليروبين (مادة تنتج عن تحلل كريات الدم). وتضرب حصيات المرارة النساء أكثر بكثير من الرجال، ويعود السبب إلى الهرمونات الأنثوية، فهرمون الاستروجين يرفع من مستوى الكوليسترول في مادة الصفراء، في حين أن هرمون البروجسترون يعمل على إبطاء إفراغ المرارة لمفرزاتها، لكن مع بلوغ الستين من العمر ينحسر الفارق بين النساء والرجال. وهناك عوامل من شأنها أن ترفع من خطر الإصابة بحصيات المرارة مثل السمنة، والداء السكري، وتناول حبوب منع الحمل من قبل النساء، وبعد إجراء جراحات لتخسيس الوزن، وعلى إثر ريجيمات قاسية لخفض الوزن. وبعد تشخيص حصيات المرارة، يتم اتخاذ الخطة العلاجية المناسبة. ففي حال الحصيات الصامتة التي لا تصدر عنها أية عوارض، تترك وشأنها. أما إذا سببت الحصيات ألماً فعندها يعالج المريض دوائياً، أو جراحياً باستئصالها بواسطة المنظار. هل يمكن الوقاية من حصيات المرارة؟ لا توجد طريقة مضمونة تمكن من الوقاية حتماً من الإصابة من حصيات المرارة، لكن الدراسات والبحوث تقترح التوصيات الآتية: 1- الحفاظ على الوزن المثالي، وتجنب الإصابة بالبدانة. 2- تناول ثلاث وجبات متوازنة يومياً، مع التشديد على الأغذية الغنية بالألياف. 3- ممارسة الرياضة البدنية في شكل منتظم. الحصيات اللعابية. المعروف أنه يوجد ثلاث غدد لعابية رئيسة في الجسم هي الغدة النكافية، والغدة تحت الفك، والغدة تحت اللسان. ويمكن أن تتشكل الحصى في الغدة نفسها أو في القناة المفرغة لها. وحوالى 80 في المئة من الحصيات تحدث في الغدة تحت الفك، وبتواتر أقل في الغدة النكافية والغدة تحت اللسان. ويصاب البالغون من الرجال أكثر من النساء بالحصيات اللعابية بنسبة تبلغ الضعف، وتشاهد عادة عند المتقدمين في السن، أو الذين لا يعتنون جيداً بنظافة فمهم، أو الذين لا يشربون ما يكفي من السوائل، أو الذين يشكون من الداء السكري. وتتشكل الحصيات بسبب تراكم أملاح الكالسيوم وترسبها حول نواة مؤلفة من مادة عضوية. وقد تؤدي الحصى إلى انسداد قناة الغدة مسببة آلاماً شديدة في مكان الغدة أو قد يحصل تورم في الغدة ذاتها، خصوصاً خلال فترة الأكل عندما تزداد كمية اللعاب المفرزة، لكن الوجع يتلاشى مع توقف طرح اللعاب. ويمكن تحسس وجود الحصى في الغدة بواسطة الأصابع. وتسمح الصورة الشعاعية التأكد من وجود الحصى إذا كان ظليلة. وفي حال عدم رؤيتها بالصورة البسيطة تجرى الصورة بعد حقن مادة ظليلة من أجل تحديد موقع الحصى. ويتم علاج الحصيات اللعابية باستئصالها عن طريق الفم في حال وجودها في قناة الغدة. أما إذا وجدت في الغدة نفسها فلا بد من بتر الغدة كلها بعملية جراحية بسيطة وسهلة عن طريق الرقبة، ولا خوف من استئصال الغدة بكاملها لأن الجسم يحتوي على غدد كثيرة تعوض استئصال الغدة. كيف الوقاية من الحصيات اللعابية؟ النصائح الآتية مفيدة على هذا الصعيد: 1- تناول كميات كافية ووافية من السوائل. 2- الابتعاد عن التدخين. المثانة والبروستاتة والالتهابات حصيات المثانة قد يكون مصدرها الكلية، أو قد تتشكل في قلب المثانة ذاتها نتيجة الركودة البولية، ومن أهم أسباب حصيات المثانة الناشئة فيها ورم غدة البروستاتة الحميد، وضيق مجرى البول، والإلتهابات المتكررة في المسالك البولية. وتعتبر ضخامة البروستاتة السبب الأول لحصيات المثانة. وتتظاهر حصيات المثانة بالعوارض الآتية: - ألم في فتحة المثانة أو في مجرى البول أو نهاية العضو الذكر. - الحرقة أثناء التبول. - ظهور الدم في البول. - الإلحاح البولي، وفي بعض الأحيان يخرج البول غصباً عن المريض. - قد تسد الحصى مجرى البول في شكل موقت، وأحيانأ قد يحدث انسداد دائم، وهنا لا بد من إجراء القسطرة لتحرير البول. إن الإلحاح البولي والحرقة البولية هما العارضان الأكثر شيوعاً، إذ تم تسجيلهما بنسبة 90 في المئة عند المرضى المعالجين. وتفيد الدراسات بأن أكثر من 90 في المئة من حصيات المثانة تسجل عند الذكور خصوصاً من ذوي الأعمار المتقدمة. وبعد التأكد من تشخيص حصيات المثانة بالتصوير بالأمواج فوق الصوتية أو الفحص بالمنظار، يتم الشروع في تدبير الحصيات بالشكل الأمثل وذلك تبعاً للسبب الذي أدى إلى حدوثها. ولا يغيب عن الأذهان أن بعض المضاعفات قد تظهر سواء من الحصيات نفسها أو من الوسيلة العلاجية المتبعة. [email protected]