لا يمكن للمال أن يعادل روح أو رقبة الإنسان، والقصاص من القاتل أمر شرعي، ولكن ما إن يلوح أمل للحياة والعفو، فإن الشرع والأخلاق كلها تجد المصلحة والخير في العتق، وإن مصير شاب تائب ونادم هو خالد الحربي، وفرحة أو معاناة أهله الذين يتطلعون لأن يعولهم بعد وفاة والدهم، تتوقف على مبلغ 13 مليون ريال، هو المال المتبقي من الدية (30 مليون ريال) التي طلبها أهل القتيل، ويفصلهم عن المدة المحددة لتسديدها أسبوعان. وقال وكيل السجين في القضية وابن عمه فالح الحربي ل«الحياة»: «حاولنا التواصل مع أهل القتيل على مدار السنوات الثلاث، وتدخل الكثير من أهل الخير الذين يعرفون خالد وتفاجأ حين سماع ما حدث له، وفي الأخير تم الاتفاق على التنازل عن القصاص في مقابل 30 مليون ريال، ليتم دفعها خلال ثلاثة شهور، وتم تدوين ذلك الشرط بورقة وشهادة شهود من أعيان القبيلة»، مشيراً إلى أنه لم يتبق من المهلة إلا أيام معدودة، ولم يجمع إلا نصف المبلغ. وأشارت أم خالد إلى أن قضية ولدها أدخلتها في معاناة مع مرض السكر وقالت: «كان خالد في المرحلة المتوسطة هادئاً يميل إلى الصمت، ولم يخبرني بالاختلاف القائم بينه وبين القتيل»، وأضافت: «خالد ابني الكبير قريب جداً لإخوته الصغار بعد وفاة والده، وآخر مرة زرته فيها في السجن قال لي أشعر بالخوف من موعد اقتراب القصاص»، وطلبت أم خالد من أهل الخير في هذا البلد الطاهر وفي هذا الشهر المبارك «أن يرحموا عجزي وشباب ولدي الذي لم يتبق له إلا أيام قليلة قبل القصاص، وعلى رغم كل جهودنا ومحاولاتنا لإيصال معاناتنا إلى أكبر عدد ممكن من الناس علنا نجد من يسهم معنى ولو بالقليل فيكون خلاص ابننا، الذي يجلس الآن في سجن حفر الباطن خائفاً يترقب زيارتنا له بين الحين والآخر»، مشيرة إلى أنه في كل مرة تتم زيارته يردد عبارتين دائمتين: «لا أعلم كيف قتلته»، و«كلي ندم وخوف على إخوتي الصغار». وكانت حملة على مواقع التواصل الاجتماعي لجمع التبرعات لحال خالد انطلقت بعد فتح حساب «عتق رقبة خالد الحربي»، وعرفت أن خالد شاب عمره (18 سنة) محكوم عليه بالقصاص وتنازل والد القتيل في مقابل مبلغ 30 مليون ريال تدفع خلال ثلاثة أشهر تنتهي بتاريخ 29/9 /1433. كما لاقت الحملة صدى واسعاً وتفاعلاً من المغردين، وفتح البعض «هاشتاق» يتناول فيه موضوع القضية ورقم الحسابات البنكية الرسمية لمن يريد المساهمة بالتبرع، مذكرين بأجر العتق وإن كانت المساعدة بالقليل من المال. من جانبه، أصدر إمام وخطيب مسجد قباء الشيخ صالح المغامسي بياناً يوضح فيه أن الشاب خالد من أسرة معروفة بالاستقامة، وأن التبرع لعتق رقبته من القربات المحمودة ومن المسارعة إلى الخيرات وتفريج الكربات، لافتاً إلى أنه ليس هناك ملتقى لجمع التبرعات كما لا يوجد شخص مخول بجمع التبرع، لأن هذا ينافي ويتعارض مع الأنظمة الرسمية، وأن التبرع يكون عن طريق حساب بنكي رسمي باسم الشخص نفسه، سيتم إغلاقه آلياً حال وصول المبلغ إلى الرقم المطلوب.