في خطابه الأخير خرج علينا أمين حزب الله حسن نصرالله وهو متشنج جداً، خصوصاً في جزئية حديثه عما يجري في سورية، فهو أداة في يد نظام بشار الأسد، وحاول أن يستغل شعبيته إن كان بقي منها شيء في محاولة لرفع معنويات نظام دمشق. قال حسن نصرالله إن سورية مستهدفة من أميركا بسبب تقدمها في الصناعات الحربية، وإن كل صواريخ حزب الله وحركات المقاومة في فلسطين هي صناعة سورية. أنا أستغرب هذا التوقيت في هذا الإعلان الذي لا أشك أنه غير دقيق وصحيح، فالمعروف أن أسلحة حزب الله تأتي من إيران، وسورية فقط ممر لتلك الأسلحة، ودمشق تحتضن بعض قيادات بعض حركات ما يُسمى بمحور الممانعة. حسن نصرالله أصابه الصمم عندما خرجت جماهير الشعب السوري مطالبة بالحرية والعدالة، ومضي الشعب السوري في حراكه الثوري سلمياً لمدة تزيد على عام ونصف العام، ولكن عندما مضى نظام بشار الاسد في القتل والتدمير ضد شعبه كل هذه الفترة لا بد أن يقاوم الشعب السوري بطريقة النظام نفسها، وهذا معلن وواضح وتدعمه بعض الدول العربية والغربية، لأن النظام السوري لا يفهم إلا هذه اللغة، والغريب أن نصرالله وحزبه وآلته الإعلامية يبشرون بنصرة الشعوب العربية التي حدث فيها «الربيع العربي»، فتلك الأنظمة العربية في مصر وليبيا وتونس في نظره هي أنظمة فاسدة، ومن حق شعوبها أن تطالب بالتغيير، ولكن عندما قام الشعب السوري ضد نظام بشار صمت نصرالله وأتباعه عن عمليات القتل والترويع ضد ذلك الشعب المسالم، فإذا كان نصرالله، كما يدعي ويردد، أنه مع المستضعفين والمقاومين وطالبي الحرية، فكان عليه أن ينحاز إلى الشعب السوري، ولا أن يحاول أن يبرر للنظام السوري هذه العدوانية ضد شعبه بحجج واهية. إن الضربة التي وجهها الجيش السوري الحر في عملية مبنى الأمن الوطني، التي قضت على بعض رؤوس النظام، خصوصاً في شقه الأمني أخرجت نصرالله من صوابه، وحاول أن يجمل نظام بشار الأسد، وأن يقف إلى جانبه في هذه الأوقات المفصلية من عمره بإسطوانة إمداد سورية لحزبه ولحماس وحركة الجهاد الإسلامي بغزة بالصواريخ والأسلحة. إنها حجة واهية ومكشوفة، فسورية الأسد لم تحرر أرضها المحتلة منذ 40 عاماً حتى تساعد هذه الحركات بالصواريخ، حلقت الطائرات الإسرائيلية فوق القصر الجمهوري أكثر من مرة واخترقت الأجواء السورية ووصلت إلى عمق أراضيها ونفذت عملية ضد منشآت نوعية سورية، وسمعنا التهديدات السورية بالانتقام من إسرائيل، ولكن لم يحدث رد فعل من دمشق ضد إسرائيل، وهذا لا يعني الموافقة على تلك الهجمات الإسرائيلية ضد سورية، ولكن يبين الحقيقة التي حاول نصرالله تمريرها بأن سورية ومنذ عشرة أعوام تبني جيشاً عقائدياً هدفه الأول إسرائيل وتحرير فلسطين، والحقيقة المرة التي يتذاكى عنها نصرالله ويشاهدها العالم أن نظام بشار أسس لجيش غير وطني هدفه حماية نظامه وقتل شعبه، وهذا ما نشاهده على شاشات التلفزة هذه الأشهر. خروج نصرالله بهذه الحال يعكس حال ارتباك واضحة على حزبه من قرب سقوط نظام بشار الأسد حليفه القوي وممر سلاحه، فسورية ما بعد الأسد ستكون ضده بسبب مواقفه المعلنة من نظام بشار، التي يعلنها بكل بجاحة وعدم فهم سياسي لما سيكون عليه الوضع في سورية وإيران التي هي أساس بقائه. حاول نصر الله أن يكون هادئاً في خطابه الأخير، الذي ألمح فيه إلى أن إيران محاصرة من الغرب اقتصادياً، ولكن هذا برأيه سيزيدها قوة، الغريب أن نصرالله في إشاراته إلى إيران ووقوفها إلى جانب الحق العربي لم يشر إلى احتلالها لأراضٍ عربية في الخليج وتهديداتها المستمرة لدول الخليج العربي. ولكن ما نقول إلا «اللي استحوا ماتوا يا نصرالله». [email protected] akalalakl@