بعد نصف قرن من النزاع المتواصل بين الجيش الكولومبي وميليشيات فارك اليسارية، قررت مجموعة من السكان الاصليين في جنوب غرب البلاد أن تطرد طرفي النزاع من اراضيها. ويقول قائد هذه المجموعة الصغيرة من السكان الاصليين المقيمين قرب مدينة توريبو "الحكومة لن تكون قادرة على انهاء هذا الصراع، وكذلك الجيش، اما نحن فسنقدر على ذلك". ولويس اكوستا هو مقاتل من السكان الاصليين في مقاطعة كوكا جنوب غرب كولومبيا، التي شهدت الأسبوع الماضي انتفاضة من السكان الاصليين ضد وجود مجموعات ميليشيا فارك في اراضيهم، وكذلك وجود الجيش الكولومبي. وتشهد هذه المنطقة الجبلية التي تقطنها غالبية من السكان الاصليين نزاعا مسلحا منذ نصف قرن بين الجيش والشيوعيين. وكانت مدينة توريبيو الواقعة على مسافة 500 كلم جنوب غرب العاصمة بوغوتا، والتي يبلغ عدد سكانها 26 ألف نسمة غالبيتهم الساحقة من السكان الاصليين، مسرحا لعملية عسكرية في الايام الاخيرة. فقد شن مقاتلو فارك هجوما على مدى ايام ثلاثة مستخدمين مدافع الهاون، لدفع عناصر الجيش والشرطة على الانسحاب. وأسفر الهجوم عن سقوط جرحى وتضرر الكثير من المنازل. وازاء هذه التطورات، قرر الحراس الاصليون لقبيلة ناسا، الذين تقتصر اسلحتهم على العصي، نشر ثلاثة الاف شخص لاستعادة اراضيها. وبينما كان سكان توريبو يسيطرون على مقر الجيش ويزيلون التحصينات، كان الحراس الاصليون يتوزعون في مجموعات للبحث عن المقاتلين المتمردين في المحيط بهدف ارغامهم على وقف القتال. ويقول احد عناصر الحراس الاصليين لوكالة فرانس برس "لقد وصلنا الى المكان الذي كان يتمركز فيه المقاتلون استعدادا للهجوم. عندما رأونا هربوا راكضين، وتركوا وراءهم مدافعهم المصنوعة يدويا". وبحسب اكوستا، فقد جرى طمر الاسلحة والذخائر تحت الارض وتغطيتها بالملح "حتى تصدأ بسرعة وتتلف المتفجرات". وسيطر السكان الاصليون ايضا على قاعدة للجيش واقعة على تلة تبعد مسيرة ساعتين عن توريبيو، وهناك اضرموا النيران بالخيام العسكرية ودمروا الدفاعات. ويقول اكوستا "لو كانوا يأتون لقتال الميليشيات لما كان لدينا مشكلة في ذلك، ولكن كل ما يفعلونه هو انهم يضعوننا في وضع خطر... ومنذ أن غادروا المكان لم يحصل اي شيء". ومنذ أسبوعين، أجرى الرئيس الكولومبي خوان مانويل سانتوس زيارة الى توريبيو رفض فيها الكلام عن انسحاب الجيش من المنطقة التي تعد ممرا اساسيا لعبور الكوكايين. وبحسب دانيال سكوي المسؤول المحلي في منطقة كوكا، فان الاشتباكات انتقلت من محيط توريبيو الى المناطق الريفية والمدن الاخرى من المقاطعة. ويقول "الوضع ما زال سيئا، لكننا مصممون على قرارنا باستعادة اراضينا". ويضيف سكوي ان السكان الاصليين "موجودون في المنطقة منذ 500 سنة، وسيبقون فيها 500 سنة اخرى، شاء الجيش او لم يشأ المتمردون". غير ان اللجنة الدولية للصليب الاحمر احصت نزوح 6450 شخصا في هذه المنطقة جراء الاشتباكات التي وقعت مؤخرا.